مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الجمعة، 30 يناير 2015

يوميات ميت .... الجزء الاول


الحياة
ايام وبنعيشها



( 1 )
مصطفي

تحرك النعش خطوتان ، بدن مصطفي يرتعش تحته ويديه ترتجفان من الحزن والارتباك وثقل الصندوق، في اخر صف المعزين تسير نجاة تبكي وبوسي تنتحب و تتمتم دون وعي ياحبيبي يابابا ياحبيبي يابابا ، تحرك النعش خطوتان وثبت مكانه وكأن قوه جباره الصقت اقدام حامليه بالارض ...
مع السلامه ياابو مصطفي ، همست نجاه وكأنها تشجعه يتحرك نحو مثواه الاخير ، الله يسلمك يانوجة ، همس حسين من داخل الصندوق ، ابتسمت نجاة وكأنها سمعته في ايام رضاه البعيدة وقتما كان لايناديها الا نوجة ، نكزتها بوسي وظنتها جنت لانها تبتسم في جنازه زوجها ، مازال النعش ثابتا مكانه ، يصرخ احد المعزين لا اله الا الله ، فيردد الجميع ، لا اله الا الله ، تنهمر دموع مصطفي عاجزا يتحرك وبقيه حاملي النعش صوب المقبرة ..." اوصيكم تقرءوا الدفتر ، تحملوني واكملوه ، هي كلماتي الاخيرة لكم وللحياه ، الدفتر يخصني ولايخصكم ، لاتمزقوه مهما غضبتم ولا تتجاهلوه مهما اوجعكم ، هي رسالتي الاخيرة لكم"..يهمس حسين في اذن المعزين بصوت خفيض ينبعث من الصندوق ، لااحد يفهم مالذي يقول الرجل الذي مات ويرفض يتحرك صوب مقبرته وكأنه ذنوبه التي سيحاسبه عليها الملكين تثقل خطواته الاخيرة ، يسمع مصطفي صوته بوضوح ويفهم كلماته ولايفهم معناها ، يشعر غيظا لان ابيه كعادته يفعل مالا يتوقعه احد في وقت غير مناسب ، تهمس نجاه دفتر ايه ياخويا دفتر التليفون ؟؟ تكذب بوسي نفسها مثل بقيه المعزين ، لايتحدث النعش ولا تتكلم الجثة والامر كله اوهام الحزن التي يطغي عليها وعليهم جميعا .................. تتحرك الجنازة صوب مقره الاخير و..... مع السلامه ياابو مصطفي ، مع السلامه ياغالي !!!!
ضباب كثيف يهبط فوق المقبرة ، تغيب الشمس وتسري نسمة باردة في اليوم الحار ، يزداد الضباب كثافه وكثافه ، يلف المعزين والجنازه والصندوق والجسد المسجي بداخله ، يلف المكان وملامحه ، يلف المقبرة وشاهدها ويغطيها ، يهبط الضباب فوق رؤوس الجميع وتتداخل قطرات الماء مع انفاسهم المرتجفه فتبطيء وتبطيء ويشعر الجميع وكأنهم سيموتوا وان ارواحهم تنسحب من اجسادهم الثقيلة ، يشعروا خدرا مخيفا ويتشاهد البعض وهو لايري اصبعه الذي يرفعه ولايري ذراعه ولايري نفسه وينتشر رعبا ويصرخ احدهم سبحان الله ولا اله الا الله ، ويتمني الاخرين يصرخوا مثله ، لكن اصواتهم حبيسه الاجساد اسيرة الضباب المخيف الذي لفهم جميعا و............. يختنق الجميع وبخار الضباب يتسلل لانوفهم وافواههم يخنقهم وصوت حسين من داخل النعش يؤكد " هي رسالتي الاخيرة لكم ، هي رسالتي الاخيرة لكم " ويصرخ مصطفي بصوت عالي ويستيقظ فزعا من الكابوس المعتاد الذي يحتل نومه منذ عدة ايام ، يصرخ بصوت عالي يوقظه من النوم ويتساقط العرق البارد من جبهته ومسام جسده المرتخي فوق الفراش وحيدا في الليل ، يصرخ مصطفي ويفتح عينيه ويتمتم بايات قرآنية استنجادا من الكابوس المخيف الذي يلاحقه و........ " هي رسالتي الاخيرة لكم " تتردد في اذنه بصوت مخيف يفح من داخل الصندوق الذي نامت فيه جثه ابيه ، هي رسالتي الاخيرة لكم " الصوت يدوي في اذنه ويرتفع ويرتفع ويرتفع يكاد يصدع البناية القديمة في ميدان فيكتوريا بحي شبرا العريق فوق كل قاطنيها وامه واخته وفوق دفتر ابيه المختبأ حتي الان بين طيات ملابسه لايعرف احد عنه شيئا ...... ويصمت مصطفي ولايخبر احدا بالدفتر الذي يحدثه ابيه عنه ، سيظنوه مجنون افقده حزنه علي ابيه صوابه وعقله و.... اللهم اخزيك ياشيطان ......

( 2 )
الدفتر

امسكت الست نجاه بتلابيبي واخذت كالمجنونه بل وهي مجنونه ، اخذت تمزق في اوراقي وتبعثرها ، كنت اصرخ من الالم وكانت تصرخ من الجنون ، كنت اناشدها تتركني في حالي وكانت تكرهني وهي تمزق صفحاتي وتحيلها لنثرات صغيرة تتبعثر في الهواء ، لن استسلم لسكين غضبها ، لن استكين لنيران وجعها ، سأفر من تحت يديها ، تقبض علي اوراقي بقوة وكأنها تخنق روحي ، أفر من بين اصابعها بقوه وكأني لااقصد ، دبت في الحياه والغضب ، لست ملكك لتمزقيني ولست لكي لتبعثريني وصاحبي لم يمنحك الحق لتفعلي بي ماتفعليه ، تمزق الاوراق من بعضها وتقبض عليها ، تلقيها في الهواء عاليا وتسقطها علي الارض ، اصرخ فيهم اهربوا من جنونها ، حلقوا كالعصافير بعيدا عنها ، تتطاير الاوراق وتجري ، تخرج من بين اصابعها ، تجري بعيدا عن متناول يدها ، تحلق من باب البيت وتخرج للشارع ، يدفعها الهواء لاعلي واسفل ، كطيارات الورق المزركشه علي الشاطيء في عز الصيف تحلق الاوراق بعيدا عن غضبها ، اصرخ فيها بعيد بعيد ، يحلقوا ابعد وابعد ، ستسقط ورقه هنا وورقه هناك ، ليس مهما ، ستقع في يد من يهتم بقراءتها وهذا هو المهم ، الرجل الذي قضي سنواته الاخير يرسم بخطه الجميل فوق صفحاتي وعلي اسطرها المستقيمه يرسم قصصه وحكايته ويبثها ويبثني مشاعره واحاسيسه ووجعه وسخريته من نفسه واساه عليها وحكمته وجنونه لايستحق منها سحقه بتلك الطريقه الموجعه ، ولو استحق هو لااستحق انا ، انا كاتم الاسرار ومستودع المشاعر وخزانه الاحاسيس لااستحق منها تلك المعامله القاسيه ، الرجل مات وانا ايضا ومابقي اسطر مكتوبه ، تنطق بالوجع والصراحه ، تئن بالهم والبوح ، لكنها ملكه وملكي وليست ملكا لكي ايتها المرأه المجنونه ...
مازالت تقبض علي دفتي بعنف ومازالت تحاول تمزق الاوراق بجنون ومازلت الاوراق تتطاير بعيدا عن غضبها وتحلق كسرب الطيور المهاجره للاماكن الاكثر دفئا وانسانية ، اهون علي الاوراق المتطايرة الفراق والغربه ، اؤكد لهم ان يد حانيه ستلتقطهم وستعتني باسطرهم وتقدر مشاعرهم وتشارك الرجل الذي لايعرفوه احاسيسه وخبراته و................ اخيرا قفز مصطفي علي السلم ، ربما حلق فوق الدرجات ، انتشلني من بيد ايديها وصرخ فيها ، كفايانا فضايح ، واحتضني بمنتهي الحسم والرقه وصعد مهرولا لشقتهم وفتح ضلفه دولابه المغلقه واودعني علي الرف وربما هدهدني وربت علي غلافي وربما اعتذر لي بصوت ممضوغ ضاع صداه في صراخ الست نجاة المجنونه التي اعتبرت انقاذه لي اعتداء عليها يستوجب فقدان وعيها وسقوط جسدها الثقيل علي الارض ليرتج العقار كله ....
في ظلام الدولاب التقطت انفاسي وراجعت فهرسي وادركت ان كثيرا من الحواديت والقصص طار ومحي مع الاوراق المحلقه صوب الانسانية ، ادركت ان جزء من روحي حلق بعيدا عني ، لكني ادركت ايضا ان بقيه الحواديت تلتقط انفاسها هي الاخري بعد المعركه الضاريه التي صارعتنا فيه السيده نجاة ، غفونا جميعا في الظلام ننتظر مصيرنا الذي لانعلمه ، هل سيفلح مصطفي ينقذنا من نجاة المجنونه ، ام ستنقض علينا تحطم الدولاب والرف وتقبض علي روحي وروح اوراقي وتمزقنا بمنتهي القسوة والغل ، لااعرف بعد ، لكني ساعرف طبعا وقريبا جدا ......

( 3 )
نجاة
حرم المرحوم

وقفت الست نجاة امام بوابة المقبرة وعلي وجهها تعبيرات غريبه ، تلهث وكأنها تجري مشوارا طويلا ، انزلها سائق التاكسي علي رأس الشارع الواسع بعيدا عن بوابات المقابر ، حملت جسدها الثقيل وزحفت علي قدميها صوب مقبرة الذي كان كل حياتها ولم يعد له اي قيمة ، هذا ماتقوله لنفسها طيله الطريق وعبر الحارات الضيقه الملتويه الي مرت فيها من بيتها القريب وحتي المقبرة ، تقرأ الموتي السلام وتحييهم وتستبعده من سلامها وادعيتها ورحمتها ، تشحذ غضبها كأنها تخاف ينطفيء فلاتجد في اللحظه الموعودة التي انتظرتها مايهديء روعها ويهديء غضبها وقتما تفش غلها فيه وتمنحه مايستحقه، تبكي غضبا وليس حزنا حتي ظنها القريبين منها جُنت لرحيله ، ظنونهم تخنقها وتزيد غضبها ، تتمني تحكي لهم الحكايه وتقص عليه ماعرفته ، لكن سمعه الابنة وكرامتها لن يتحملا قصص وروايات ، تصمت مقهورة ووجهها يزداد قتامه وضغطها يرتفع وسكرها ايضا ، اياما باتت مقهوره تمزق وجهه في الكوابيس وتستيقظ في وسط النوم بعيون حمراء تسطع بالغضب وسط الظلام ، ايام كثيرة تكبت مشاعرها فتعبر عن وجعها في كوابيس رعناء تفسد لياليها وايامها حتي قررت تذهب له وتمسح بكرامته بلاط المقبرة وتفرج عليه الارواح والاسياد وتفضحه وسط سكون الراحه الابديه وتخلي اللي مايشتري يتفرج و..... البادي اظلم !!!
الرسام ينتظرها ، حارس المقبرة وخادمها الامين ، اتصلت به نجاة في التليفون واخبرته انها ستزور فقيدها غدا، انزعج الرسام لان اليوم وسط الاسبوع والقمامه التي يرفعها عن سور المقبرة كل خميس تتراكم هي وذبابها الازرق خلف البوابه ،حاول يقنعها تأجل الزياره لموسم الخميس او الجمعه ، كأنه يرجوها تمنحه برهه وقت يقوم بعمله الذي تدفع له من اجله راتبه ، لكنها لم تمهله ولم تقبل مبرراته ، بعصبيه واصرار اوضحت له انها ستأتي غدا مع اول ضوء وان عليها ندر ولازم توفيه وان يوم الحساب حان وقته ، عصبيتها انتقلت للرسام فتشاجر مع صبيانه لانهم يتقاضوا راتب كبير لايعملوا به ولان المقابر تعج بالقمامه والذباب والمياه الجوفيه تخرج من تحت شواهد القبور لايجففوها ولان السيده ستأكل وجهه وتبعثر كرامته لان مقبره فقيدها لاتليق باللحظه الرومانسيه التي اتت من اجلها وهو الذي غادرها منذ شهرين واقل وكانت في اربعينه تشق عنان السماء بصراخها وتروي الصبار العطش بدموعها وتتبعثر من شده الحزن علي الغالي اللي مافيش اغلي منه ، لماذا عدتي بعد اقل من عشره ايام واي ندر عليكي الذي اسقطكي علينا خارج مواعيد الحزن وطقوسه المعروفه ؟؟؟
حدق في وجهها " الرسام " حارس المقبرة وتعجب ، زوجها لم يمض علي موته الا شهرين وليست هذه ملامح الارامل المكلومه بفقد زوجها والتي اعتاد عليها وفهمها وليست هذه هي الملامح التي حفظ تفاصيلها يوم الاربعين وقتما كانت ارمله محطمة لموت زوجها الحبيب الغالي ، الملامح المرتسمه علي وجه الست  نجاة حيرته ، ملامح غريبة ليست حزينه وليست غاضبه ، اتت لتتشاجر مع الزوج الذي لم يمر علي موته شهرين ، نعم هذا مافهمه من ملامحها المعقوفة وعصبيتها وتوترها الظاهر ، طالبته الست نجاة بالخروج من حوش المقبرة بعدما فتح لها البوابة العتيقة وادخلها ، بالاذن انت ياخويا بقي الا فيه كلمتين عايزه اقولهم للمرحوم علي انفراد ، خرج الرسام وهو يتمني يتلصص علي همسها لكنه لم يفلح ، خرج وهي تستعد للمشاجرة مع المرحوم وتلعن فيه وتسب ، ياواطي يادون ، انا ريحتي توم ؟؟؟ ياناقص ياعرة الرجاله ياللي مالكش لزمه عايش وميت ، انا ريحتي توم و....................... انفجرت في البكاء حزينه غاضبه ، ورضينا بالهم والهم مارضيش بينا ياناقص يادون ، انا الحكومه وتسقط الحكومه ، انا الحكومه ويلعن ابو الحكومه ، ده اخره اللي بينا وانساني بقي زي ماحنساك و..........لم يسمع الا المرحوم سبابها فتملل في مقبرته غاضبا لانها لم ترحمه حيا ولا ميتا وتمني لو اجلت زيارتها وغضبها بعدما تقرأ الدفتر عل مشاعرها اختلفت ، لكنها متسرعه مندفعه كعادتها ، وطلب لها الرجل في مقبرته الهداية!!!!

( 4 )
بائع السندوتشات

سحب رضا بسرعه وتلقائيه ورقه ليغلف فيهما " شقتين الفول " ويناولهما للزبون المتعجل ، لكن الخط الانيق والكلمات المتراصه علي ظهر الورقه لفتوا نظره ، مر عليها ببصره بسرعه وابتسم ، غلف السندوتشات في ورقة من جريده اليوم وناولها للزبون ، تفحص الاوراق الممزقه امامه بسرعه يبحث عن صفحات اخري من نفس الدفتر الذي عثر علي احدي اوراقه ، لم يعثر ، فانتابه القنوط والغضب ، صفحه 7 ، سال نفسه ، صفحه 7 ، ياتري فيها ايه وياتري مالذي سبقها ومالذي سيلحقها ؟؟؟؟
وحين سطعت الشمس في وسط النهار ، كان قد جمع اشياءه ومعداته وحملها فوق العربيه الخشبيه وتوجه للقهوه ، وجلس يشرب الحلبة ويقرأ بفضول الورقة التي في يده ..
********************
صفحه 7
مين اللي اخترع ام دفتر اليوميات ده ، اكيد ناس حياتها زحمه ومليانه حواديت ، بصراحه عمليه ممله ، ايه يعني لما اعمل حاجه اكتبها ، طب ماهو نص الحاجات اللي بعملها مايصحش اكتبها ، واكتبها ليه ، ماانا مش ضامن ان الحكومه ، اقصد مراتي الست نجاة حرمنا ماتعترش علي الدفتر ده بالصدفه ، وقتها حتبقي مصيبه ونكد وعياط وتسيب البيت وتروح لابوها واصالحها وقرف كده ، لا وكمان تقوم علي العيال ، الواد مصطفي والبت بوسي  ، هي تتخانق وعيالها يقفوا معاها ، العيال عمرهم ماوفقوا معايا وعلي طول في صفها ، وعلي ايه النكد ، خلاص ، مش حاكتب حاجات كتيره ، ولما مش حاكتب حاجات كتيره مش حالاقي حاجه اكتبها غير كلت شربت دخلت الحمام !!! وده معقول!!!
لازم الاقي طريقة عبقريه خبيثه، اكتب بيها والحكومه ماتفهمش كلامي ، انا بس اللي افهمه !!! لكن ياسلام ، وهو الدفتر يقع في ايدها ليه ، حتفتش في حاجتي ، لا انا مش ممكن اسمح بكده ، حاجتي الشخصيه تخصني ، لو مدت ايديها عليها حاقطعها ويمكن كمان اضربها بونيه في وشها ، ازغدها ، ههههههههههه، هو فيه راجل برضه يقول ازغدها ، الراجل يقول اكسر دماغي ، اموتها ، اطلقها ، مش لازم قوي كده ولا لازم يعمل كده ، لكن يقول كده بصرف النظر حيعمل ايه !!!
لكن برضه ماهو من باب الاحتياط والذكاوة ، اكتب بالسيم بالرمز ، اكتب اللي محدش حيفهمه غيري ، طبعا مش انا صاحب دفتر اليوميات ، يووووووووه ، برضه حاكتب في دفتري بالسيم ، امال حاعيش حريتي امتي ، حاجه تقرف والله ، تسقط الحكومه وكل حكومه الان وغدا ودايما ، ههههههههههههه ، لو الوليه قرت الكلمتين دول حتعمل انقلاب عسكري في البيت ، حاقول لها انت مالك هو انت الحكومه ، انت قلبي فشتي كلوتي ، هههههههههه ماهو الكلام مش بفلوس ، هي مش حتصدقني لكن حتستكت كعادتها ، لما تحتاس ومتعرفش ترد !!! تسقط الحكومه وكل حكومه !!!! ايه القرف ده !!!!
********************
وتسيل دموع رضا من كثرة الضحك ، وهو يري زوجته التي طالما عجز عن وصفها بما يليق بها وهي تستبد به وتخنقه ، يراها الحكومه مثل زوجه الرجل الذي لايعرفه ، ابتسم رضا وسط دموعه وهمس تسقط الحكومه وكل حكومه يقصد زوجته وزوجه الكاتب وكل الزوجات ، تسقط الحكومه وكل حكومه ..

( 5 )
نجاة
حرم المرحوم

نادت نجاة ابنتها بصوت عصبي عالي، تعالي يابت يابوسي ساعديني ، الاسم بنت والصنعة حيل ، لامنك ولاكفايه شرك ، تعالي يابت ، نطلع هدوم ابوكي صدقه علي روحه ، تعالي حرام عليكي اتهديت من كتر العياط والغم ، تصرخ علي ابنتها ، تعالي يامخفيه ، يابروطه ، ياللي مامنكيش رجا ...
تصرخ وتصرخ وتصرخ وتناديها بعصبية ، دخلت بوسي مسرعه الحجره ، مرتاعه ، فيه ايه ياماما ؟؟ يااختي علي برودك ساعه بانادي عليكي واخرتها فيه ايه ؟؟ كنت فيه يامزغوده يامقروصه ياللي مالكيش لزمه ؟؟ اول ماسمعت جيت ، سمعت الرعد في ودانك ، صرخت نجاة ، يابت تعالي ، ابوكي ربعن وروحه شقيانه ، لازم نطلع هدومه للغلابه ، صدقه علي روحه ، يلبسوها ويترحموا عليه ، ابوكي ربعن واحنا زي اللي غرقان درانا ، انشغلنا بالهم ، لمي يابت هدوم ابوكي ، طبقيها بادب وعلي الجامع ، اخوكي لما يصحي من نومه ياخدها وعلي الجامع ، الغلابه كتير ونفسهم يتستروا ، ننزل هدوم ابوكي ، من ناحيه صدقه علي روحه ومن ناحيه تاني نفضي الدولاب علشان ارص جهازك ، تعالي يامزغوده ساعديني........... 
اخذت نجاة بمنتهي العصبيه تلقي بثياب زوجها من الرف للسرير ، لمي ياحبيبتي لمي الحاجه ، ااقري له الفاتحه ، روحه بتشحتها يابت ، ااقري له الفاتحه بذمه ياللي تنقرصي ، ابوكي ده ولا مش ابوكي ، الفاتحه يابت تهون عليه اللي هو فيه ، تحدق نجاه في بوسي ، بتبصي لي كده ليه ، طبعا محتاج الفاتحه وكل دعا له يهون عليه ، ماهو يعني ماكانش شيخ قايم نايم فوق السجاده ولا كان متصدق معاه زياده يوزعها علي الغلابه يدعوا له ، كان علي قده يعني ، دنيا واخره علي قده يبقي محتاج نقرا له الفاتحه ومحتاج نوزع هدومه لجل اللي يلبسها يدعي له دعوه تنفعه ومحتاج نزور ورجلينا ماتتقطعش نوزع رحمه وبلح ونقول يارب ترحمه ، لعل وعسي حاجه مني دي تنفعه ..
تقاطعها بوسي ، بتقولي ايه ياماما ، بقول الحق ياروح ماما ، هو بين ايدين رب عليم ، عارف بالمستخبي اكتر مني ومنك ، بقول الحقيقه ، ياما قلت له صلي قالي طيب وماركعهاش ، ياما قلت له اتصدق قالي اللي يحتاج البيت يحرم علي الجامع ، اهو النهارده تلاقيه بيقول ياريت سمعت كلام نجاه ..
تضحك بوسي ، انتي وكأن بتدعي عليه ياماما ، ارحميه ، تنفجر دموع نجاة ، ادعي عليه فشر بعد الشر العدو ، ده انا بقولك اقري له الفاتحه يابت علشان تنفعه اما بادعي عليه ، صحيح يابنت ابوكي خير تعمل شر تلقي ، اهو انتي كده طالعه زيه ، تفسري بالوحش وتدوسي علي الحلو ولا طيب ينفع معاكم ولا كلمه عدله تتشفع لنا عندكم الا كله قساوة ونية شينة ، تضحك بوسي ، بقولك ايه ياماما ، خلينا في بابا وهدومه ومالكيش دعوه بيا ، الا من يوم مامات وانتي فاشه غلك فيا لما استويته ، حننزل الهدوم ولاارجع اوضتي اشوف ورايا ايه ..
تزغدها نجاه بقبضه يدها في صدرها ، اتلككي يااختي اتلككي ، اهربي من اللي وراكي زي عادتك ، لا حننزل الهدوم ونقرا له الفاتحه ونقول ربنا يرحمه ، يالا القفي مني يالا ، تخرج نجاة الملابس بعصبيه وفجأ .......... تصطدم اصابعها بشيء صلب ، تنتبه ، ايه ده ، هو ايه ياماما ، ده يابت ده اللي ابوكي حاطه تحت هدومه ، مش عادته يعني ، وبسرعه تلقي بقيه الملابس علي الارض وتخرج الدفتر الكبير ، وايه ده كمان ، تحدق في الدفتر ، يكونش ابوكي يابت ليه فلوس عند ناس ومقيدها علشان ماينساش ، تفتح الدفتر ، اسطر كتيره متلاحقه تجري تحت عينيها ، لا ، دي مش حسابات ، ده كلام كتير ، تحاول بوسي تخطف منها الدفتر ، هاتي وريني ، لا استني يابت ، وتجلس علي طرف السرير وتفتح الدفتر والفضول يكاد يطير عقلها ، تقرأ سطر اثنين وتشهق ، يالهوي ، ايه ياماما ، فيه ايه الدفتر ، تزيح ابنتها بعيدا بمنتهي العصبيه ، فسحي يااختي فسحي ، اما اشوف ابوكي كاتب ايه في دفتره ده ، عاش ومات حويط ومخبيه مني ، اخص عليك ياراجل ، تلاتين سنه بانام جنبك ومخبي عني الدفتر ، ويوميات ايه ياابو علي بقي اللي كنت بتكتبها ، هو انت عندك حاجه تتكتب ، تكاد الابنه تخطف الدفتر من يديها ، وريني ياما بابا الله يرحمه كاتب ايه ، تبعده عن متناول يديها ، وانت تقري ليه يابت ، ماجايز اسرار ابوكي ومش عايزكم تشوفوها ، هاتي بس ياماما ، تحاول الابنة تخطف الدفتر من يديها لكن قبضتها القويه التي لكمتها بها في طرف معدتها تخرجها من الاوضه ، النبي حبيبك ياماما ما تقريه ، حتلاقيه كاتب ايه يعني ، كلام فاضي، ماتقريهوش لاتزعلي ، نظرت لها نظره بارده اخرستها ، ازعل من ايه ياروح امك ، هو ابوكي كان بيعمل حاجه خالص علشان ازعل ، تلاقيه كلام فاضي ، بس انتي بنته وهو ليه هيبة مايصحش تكسريها ، امشي يابت اعملي كوبايه شايه وهاتيها و....................... انهمكت في قراءه الدفتر وكلماته لاتصدق عينيها ولاتصدق ماقرأته ...
********************
صفحه 1
هما بيكتبوا ايه في دفاتر اليوميات دي
ايه حاقول صحيت ونمت وكلت ودخلت الحمام !!!
حاقول حلقت دقني واستحميت !!!
لا اكيد دفاتر اليوميات بيتكتب فيها حاجات اهم من كده !!!
طيب انا بس قلت افتح الدفتر واكتب كلمتين في الصفحه الاولي وبعد كده في الصفحات التانيه حاكتب الموضوعات المهمه ، اصل اصعب صفحه هي صفحه البدايه ، البدايه دايما صعبه ، لكن اول ماتبتدي كل حاجه تجري زي الفريره !!!!
خلاص كفايه علي الصفحه الاولي كده ...
دي الصفحه الاولي من دفتر يومياتي ... للعلم والتاريخ !!!
********************
تحدق نجاه في الصفحه الاولي لاتصدق ماتقرأه ، تضحك بصوت عالي عالي ، للعلم والتاريخ ، يخرب بيتك يامخفي ، بقي هي للعلم والتاريخ ، طيب ، وكاتب ايه كمان ، وتقلب الصفحات وتقرأ وتقرأ وتتحول ضحكاتها لدموع ساخنه وحزن عميق و......... الله يجحمك يابعيد مطرح ماانت موجود ، الله يجحمك يابعيد ....

( 6 )
بائع اللب

فتح سعيد بائع اللب ، الورق المطوية اللي عثر عليها طائرة في الهواء ، فتحها وقرأ من كلماتها الكثيرة كلمتين وانفجر ضاحكا ، لفها ببراعه قرطاس وملأه حتي حافته باللب الساخن للزبونه التي تشتري منه اللب كل يوم ، منحها القرطاس ضاحكا ، قزقزي واتسلي ، لم تفهم الزبونه كلامه وسبب ضحكه ، عادي يعني ياعم سعيد ماانا كل يوم باقزقز واتسلي ، هز رأسه نفيا ، لا كل الايام كوم والنوبه دي التسليه خصوصي وغير شكل وكوم تاني ، لم تفهم كلامه وانصرفت وهو يضحك ويضحك ...
جلست في الشرفه الصغيرة كمثل كل يوم ، والتهمت اللب بسرعه وببراعة ومزاج ، بقي القرطاس في يدها ، تذكرت ضحكات سعيد وانتابها فضول ، فتحت الورقه ومرت علي اسطرها بسرعه بعينيها وانفجرت في الضحك
********************
مقدمة ..
هذه ليست قصه .... هذا دفتر يومياتي ...
اكتب فيه مااعيشه ... كتابه خاصه جدا لن يقرأها احد .... لذا اكتب براحتي .... طبعا حد حيسألني باكتب ليه ، ومااكتبش ليه ، هو مين قال ان الابطال والزعماء والمتصيتين بس اللي يكتبوا ، انا كمان اكتب ، اكتب عن حياتي ، حتقولي حياتك تافه وايه يعني ، هو فيه حاجه تمنع ان حد يكتب عن حياته التافهه ؟؟؟ مافيش طبعا ، اذن انا حاكتب عن حياتي في دفتر يومياتي ، ولما اموت وتلاقوه ، ااقروه او قطعوه ، مش مهم ، المهم اني شايف حياتي تستحق الكتابه عنها ، حياتي البسيطه ( مش التافهه وخليك مؤدب ) ، حياتي البسيطه تستحق اكتب عنها من وجه نظري ، خلاص ، اتفقنا ، محدش تاني يجي يقولي بتكتب ليه ، ولا يسمم بدني ويقولي وايه قيمه اللي بتكتبه !!! قيمته اني عايزه اكتبه وخلاص ، حر انا حياتي ودفتري وحواديتي !!! 
اسمي ، يفرق ايه ، اي اسم راجل ينفع ، دفتر يومياتي لايعرف غيري ، انا صاحبه ومالكه وصاحب حقوق النشر والتأليف ، يطلع اسمي محمد ، احمد ، جرجس ، فتحي ، عويضه ، بهاء ، انطون ، اي راجل مش مهم ، حتي مسلم او مسيحي برضه مش مهم ، لان علاقتي بالدين زي علاقه كل الناس ، مالهاش دعوه بدفتر اليوميات، لاحاقول صليت ولا حاقول صمت ، لاحاقول حبيت بنت من دين غير ديني ولا حاقول خدت حقوقي كامله ولا ناقصه ، مش حاقول حاجه خلاص ، مش علشان حاجه ، لاني اومن ان الدين لله والوطن مايخصنيش !!! ولان البنات اللي من ديني هاوسنيي وشاغلين بالي ، فايه لزمه المشاكل ، البنات دول للانبساط ، اوجع راسي ليه بقي واجيب واحده تحبني النهارده وتعيط بكره وتقولي اهلي حيموتوني بعده !!! لا خليها بعيد وخليني بعيد  !!!وبعدين احب اوضح مسأله مهمه كمان ، انا باكتب في الدفتر ده بعد وقت البنات ماعدي ومر ، وكلهم بقوا للفرجه بالكتير وبالتالي اتفرج علي مين مش مهم ، تطلع حاجه ، تطلع مقدسه ولا يفرق معايا ، ماهو كله للفرجه وبس ..
علي العموم ، انا اسمي حسين ، اسم عادي لاتركي ولا عثمانلي ولا عربي عرباوي ، حسين ، عادي يعني ...
وده دفتر يومياتي .... يوميات رجل كان شاب ، ومازال شاب ، صحيح خرجت علي المعاش ، لكن طظ ، الشباب شباب القلب والراجل مايعيبوش غير جيبه !!!! بس للاسف جيبه برضه فيه مشكله ، لكن مش وقته خالص !!!!الراجل مايعيبوش غير عيبه وحاجه تانيه كمان ، والحقيقه انه كله بايظ وبقيت راجل بركه ، علي راي الست نجاه حكومه قلبي الرشيدة !!! ماعلينا ، ده دفتر يوميات حسين ، احكي ياحسين احكي ، احكي ياشهرزاد قبل مايدركك الصباح ويسكت الديك عن الصياح المباح .....
********************
قرأت الزبونة الاسطر مره واثنين وثلاثه وانفجرت ضاحكه والتمست الاعذار لسعيد بائع اللب الذي تصورته جن وفقد عقله لسبب لاتعرفه وقتما اخبرها اليوم بالذات انها ستتسلي ، قرأت الاسطر مره وثانية وماتت من الضحك وهي تسب وتلعن ، جتك نيله يااسمك ايه تقولش عبد الناصر ، يوميات ايه يافقري اللي انت كاتبها ، حدقت في الورقة وتمنت لو قرأت بقية اليوميات ، وسرعان ماادركت استحاله امنيتها ، فسعيد منحها قرطاس واحد ولا يغني ولايسمن من جوع ، الا ياتري ياحسين انت كنت كاتب ايه كمان ؟؟؟وانتابها الغيظ وقررت تعود غدا لعم سعيد تبحث عنده علي بقيه اليوميات ، ربما اشتري اوراقها شروة واحده من السوق فتفلح تنقذ بقيتها وتعرف حكايه المخفي اللي مايتسماش الذي قرر يكتب يومياته ويحكي ويقول !!!!!!!! 

( 7 )
مصطفي

هرعت بوسي وايقظت شقيقها من نومه الثقيل  ، قوم يامصطفي قوم ، قوم شوف امك اتهبلت ، قافله الباب عليها وهاتك ياصويت ، انتفض مصطفي من نومه ، خير في ايه ؟؟ معرفش ، قصت عليه بوسي بسرعه ماحدث ، وعنها مسكت في الدفتر زي القراضه وطردتني من الاوضه وهاتك ياصويت ، تسكت حبه وتصوت حبه ، ولما احاول افتح عليها الباب ، ترقع بالصوت وتطردني بره وهي بتصرخ ، بره يابنت الواطي ، بره لاقوم اولع لكم في نفسي ، قوم يامصطفي شوف امك جري ليها ايه ؟؟....
الدفتر ، يانهار اسود ، صرخ مصطفي وقفز من فراشه ناحيه الباب المغلق ، افتحي ياماما ، تصرخ صراخا عاليا لايفهم منه حرف ، تنظر له بوسي وكأنها تقول له مش قلت لك ، افتحي ياماما افهم مالك افتحي ياحبيبتي ، فتحت نجاه الباب لمصطفي بعد طرقات كثيرة وسمحت له بالدخول ، تركت بوسي خلف الباب تتلظي بغيظها ، واشمعني مصطفي ؟؟ احتضنها مصطفي بقوة وهو يهمس في اذنها ، استهدي بالله ياماما وقولي لي مالك بس ، اجلسته بجوارها علي السرير ، اخرجت الدفتر من تحت المخده ، يرضيك ؟؟ لم يفهم ، اشارت للدفتر ، يرضيك اللي ابوك عمله فيا بعد مامات ، يرضيك يشتمني ويسيب لي شتيمتي وقله القيمه من بعده يسمم بيها بدني ، انفجرت في البكاء ، مش كفايه كنت عايشه ومستحمله وبارضي نفسي علي العيشه ، يقول ممعايش اقول مش مهم ، يقولي عايز انام اقوله صحه وعافيه يقولي مزاجي مقلوب اقوله انزل فك عن نفسه ،مش كفايه كنت مستحمله قرفه ونكده وقله كلامه ، لافسحني ولا هناني ولا قالي كلمه حلوه اعيش عليها من بعده واخرت المتمة اطلع الحكومه وتسقط الحكومه وكلام سافل زيه ويكيدني ويسيب ليا ااقراه ويحرق دمي ربنا يحرقه بنار جهنم مطرح ماهو رايح ..
لايفهم مصطفي من امه اي شيء ، تهذي وتبكي ، هذا مااحسه فيما تتفوه به ، كلمات لامعني لها ، وايه اللي فكرك بس ياام مصطفي باللي كان واللي حصل ، ايام وراحت لحالها ، وهو بين ايدين ربنا ماتجوزش عليه غير الرحمه ، انتفضت ، ابدا ، حاكشف راسي وادعي عليه ربنا ينتقم منه ، حاكنس عليه مقام ستنا نفيسه واندر عيش ولحمه للغلابه علشان يدعوا عليه ، وتنفجر في البكاء ..
يطبطب عليها مصطفي وهي في حضنه ، طب فهميني بس حصل ايه علشان اكون معاكي علي الخط لاني مش فاهم حاجه ، تشاور له علي الدفتر ، ابوك ابن قنصل الوز طلع كاتب يوميات في دفتر ومخبيه عني ، ضحك مصطفي ، يوميات ؟؟
ضحك مصطفي لكن خيالات الكابوس الذي يحتل نومه ليالي طويله يداهمه ، ضباب كثيف يراه ينزل فوق رأسه ، يشعر وكأن ابيه استيقظ من موته ، يسمع صوته ، هي رسالتي الاخيرة لكم ، يتجاهل مصطفي كل مايتذكره ومايسمعه واضحا في اذن وينتبه لامه الغاضبه ، رحت فين يامصطفي ، معاكي ياماما ، ابوك طلع سايب وراه دفتر ، ال ايه يوميات ، يضحك مصطفي ارتباكا ، اهو انت ضحكت اهو ، طلع سهن وميه من تحت تبن وبميت وش ، كاتب يوميات ومخبيها عني ، شاتمني فيها ومبهدلني خالص ، كاتب كلام صغار مايصحش يتكتب ، وانا اللي كنت فاكراه كباره ومحترم وباكبر فيه عايش وميت ، اتاريه عره الرجاله ومتمسخر عليا وشاتمني ، يرضيك كده يامصطفي ؟؟
يحاول مصطفي يسحب منها الدفتر ، ترفض ، ابص ياماما ، اشوف بس كاتب ايه ، والصوت يدوي في اذنه ، هي رسالتي الاخيرة لكم ، يطرد الخيالات والاشباح ويركز مع امه ، هو من جهه يرضيني مايرضنيش ، هو عمره ماكان يلاقي زيك ، تمسح دموعها ، قوله يامصطفي ، لو لف علي كعابه عمره ماكان يلاقي اصيله تستحمله زيي ، اصلك صغير يامصطفي مش حتفهم انا باقول ايه ، يوافقها مصطفي متظاهرا بأنه فعلا لا يفهم كلامها ، هاتي الدفتر ياماما حابص فيه وارجعه لك ، توعدني ترجعه ، طبعا حارجعه ، توعدني ماتخليش البت اختك تبص فيه الا تتفتح عينيها علي قله ادب ابوكم وعيارها يفلت ، يضحك مصطفي حاضر ياماما ولو انك محسساني يعني اني حالاقي مذكرات فالنتينو ، مين ده يامصطفي ، بعدين بعدين ياماما ، هاتي الدفتر ، هي رسالتي الاخيرة لكم ، يهز رأسه وكأنه يطمئن ابيه انه سيقرأ رسالته الاخيرة ، تناوله امه الدفتر بريبه حترجعه يامصطفي ، اه والله ، وفجأ تشده من يده ، لا مش حاديك لك الا لما اقراه يامصطفي ، لتقطع صفحه كده ولا كده ولا تخفي كلمه كده ولا كده ، عيب ياام مصطفي هو انا صغير ، حاقرا بس افهم ايه اللي مزعلك كده وارجعه ليكي ويخرج من الغرفه يحتضن الدفتر وصوت ابيه يدوي في اذنه والضباب الكثيف يهبط علي روحه وخيالات المقبرة وشاهدها والنعش ، كله يتراقص امام عينيه ...........  تسأله بوسي ، مالها امك يامصطفي ، ممالهاش ، يجيب عليها بنصف وعي بنصف انتباه ، ياسلام بقي اصحيك واقولك الحقها واخرتها تقولي ماممالهاش ، مافيش حاجه يابوسي ، طيب ايه اللي في ايديك ده ، ولاحاجه ، ولاحاجه ازاي عميا انا ، ده الدفتر اللي كان تحت هدوم بابا واحنا بنشيلها ، فيه ايه الدفتر ده يامصطفي ، مافيهوش يابوسي وبطلي زن بقي وغوري اعملي لي كوبايه شاي و........ اغلق عليه الباب والقي ببدنه علي الفراش لايصدق ماسمعه من امه ولايصدق ماسمعه ليالي كثيرة في كوابيسه ، رساله ابيه من العالم الاخر ، هي رسالتي الاخيرة لكم يقبض علي الدفتر بين اصابعه يكاد يقتله الفضول لاكتشاف ابيه الذي لم يعرفه ، اكتشاف ابيه واسراره المدونه في دفتر اليوميات .... وفتح مصطفي الصفحه التي انتقتها اصابعه بشكل عشوائي ..
********************
صفحه 29
بقالي كتير ماكتبتش في الدفتر ، اصل حياتي ممله جدا ، مافيهاش احداث ، كل يوم شبه التاني ، اصحي اتخانق مع الحكومة ، العيال عايزين مصاريف ، المعاش خلص ، اتصرف ، معنديش تصاريف ، عيشه تقرف ، عيشتك انت اللي تقرف ، كل يوم كده ، دي الاصطباحه بتاعت كل يوم ، تزق علي الواد عايز فلوس للكليه ، بعدين ، تزق علي البت ، خطيبي عايز يحدد ميعاد كتب الكتاب ، ابص لها ، يلعن ابوكي ، عايز يكتب الكتاب ليه ، ياقللات الادب ، امشي يابت غوري من وشي ، قولي لامك تبطل الحركات دي ، الوليه فاهمه اني محوش من وراها ، وخايفه اني اتجوز .......... فعايزه تقصص ريشي !!! اطمني يااختي ، متقصص جاهز ، لا محوش من وراك ولاينفع اتجوز ، نفسي بصراحه ، لكن مش حيحصل ، مين تتجوز راجل زيي كده ، عنده حكومه استبداديه زي اللي عندي كده ، وعيال ولاد امهم ، هات هات ، عايزين عايزين ، وبعدين المدعوق كره الحياه وزهق منها ونام واستريح الراحه الابديه ........ ايه الكلام الفاضي ده ، انا فل انا بومب انا تمام ........... ههههههههههه ، كله من عادل امام ، فضحنا ، خلي النسوان تتكلم بعين مكشوفه ، اتاريها قضيه قوميه ، ههههههههههههههههههههه ، قوميه قوميه ، يعني مش انا بس ، ياوليه دي حاله عامه ، الناس نفسها مسدوده ، مش انا بس ، انت ماشفتيش فيلم عادل امام ... الوليه اول مايجي الفيلم ، لو كنت نايم في عز النوم تصحيني ، قوم اتفرج ، ااقوم اتفرج عادي واضحك واتريق ، هو انا علي راسي بطحه ، اما نصيبه والله ، الله يخرب بيت عادل امام ، الوليه بقت عينها بجسه وجريئه ، ماتبصي علي نفسك يااختي ،حلوه قوي !!، غصن بان !! ماانت مدوره !!، مدوره والدهن راقات وقناطير وبتشخري لما العماره كلها حتقع ، بالذات انها متنكسه قبل كده ، انت مدوره وتقولي حبني ، امال مين اللي يحبها حنش ، حب حب قصدك لا مافيش ، لا انت ام العيال والعزيزه الغاليه وتاخدي المعاش وتتصرفي ، كده ابقي بحبك و احمدي ربنا ، لكن حب حب من بتاع سعاد حسني ورشدي اباظه ، هو انت سعاد حسني ياوليه ، ماتبصي عليها ، علي جمالها ، شفتيها في الزوجه التانيه ، لما كانت في اوضه النوم ، شفت الجلابيه الستان اللي كانت لابساها ، شفت صدرها ، لا مش قصدي حاجه ، انا ماببصش ، انا بس بقولك اللي مايشوفش من الغربال يبقي اعمي ، ماشي وانا كمان مش رشدي اباظه ، لكن اكيد اكيد انت مش سعاد حسني ، انت ام العيال وبحبك ، والله بحبك ، ورحمه امك اللي ماكانتش بتقبلك بحبك ، انام بقي ولا فيه حاجه تانيه !!! انت الحكومه ، هو فيه حد مابيحبش الحكومه ، انت الحكومه وانا بحبك ، بحبك بحبك ... اهي اهي اهي ... تسقط الحكومه تسقط الحكومه!!! 
********************
وانفجر مصطفي في الضحك لايصدق مايقرأه ، الله يخرب بيتك يابابا ، قصدي الله يخرب بيت حضرتك ، ايه اللي انت كاتبه ده !!! سعاد حسني ايه وقميص ستان ايه ، قناطير ايه وراقات ايه ، حرام عليك والله اللي عملته في الست حرمك ، الست ليها حق تفقد عقلها ويجري لها اللي جري ده كله واكتر ، بقي هو يخرب بيته عادل امام ، هي حصلت عادل امام يابابا ، ويضحك ويضحك.... وصوت ابيه من داخل النعش يدوي في اذنه ، هي رسالتي الاخيرة لكم .....
( 8 )
قراطيس الترمس

جلس متعال ينظم الاوراق التي اخذها من المعلم فتوح في سوق الجمعه لزوم القراطيس ، كعادته يفرد الاوراق وينظمها لاوراق متماثله المقاس ، استرعي انتباه المكتوب علي الورقه الاولي تحت يده ، قرأها بسرعه وبحث عن الورقه التي تليها لم يجدها ، بعثر الاوراق بعدما نظمها ، اكتشف وسط الاوراق ورقه مختلفه ، انهمك في قراءتها ، اكتشف السر المذهل ، الورقه جزء من حكايه مسلية و..... قرر متعال الا يقرطس القراطيس وانهمك في قراءتها ونسي نفسه ونسي ميعاد المعلم فتوح واكل العيش ...
********************
صفحه 12
قريت الصفحات اللي فاتت لقيتها مليانه كلام فاضي ، مش حاقطعها ، حابقي ادبسها في بعض وانساها ، بس بعد شويه لما اكتب كلام كتير ، طيب انا بقيت في الصفحه الاتناشر والكلام اللي قبل كده مش عاجبني ولسه ماقلتش حاجه عليها الطلا !!!
اه .... النهارده وانا داخل القهوة ، شفت ست حلوه قوي ، ملقوظه ، نصها التحتاني حكايه ، قررت اعاكسها ، لسه حابص لها ، بصت لي وقالت ياوقح ، ضحكت ، قالت كمان وقح وشايب ومعندكش دم ، ضحكت اكتر ، عايزه اقول لها ياست انت هو لسه قربت لك ، لسه حتي بصبصت ، ايه بتشتمي ليه ، لكن قلت علي ايه الطيب احسن ، سبتها ومشيت ، الوليه نزلت شتيمه في ، لا ده انت ست قليله الادب بقي ، الصراحه كمان ست وحشه ولا حلوه ولا حاجه ..
هامش ... معلش ما تتخلبطوش ... اصلي لما اشوف ست مقلوظه ونصها التحتاني محترم كده ويملي عين التخين باقول عليها حلوه ، امال يعني حاقول عليها ايه ، علشان بعد كده لما اقول شفت ست حلوه تفهموا قصدي ايه ، انا ماببصش علي وشها ولا يفرق معايا بصراحه ، ست حلوه يعني حلوه !!! فهمتوا ... نهايه الهامش
خلاص كفايه هوامش ، ماهي كل حاجه واضحه ، ارجع لدفتر يومياتي ... ولا كفايه كتابه فيه كده النهارده ، تعبت من كتر الكتابه ، ال انا وقح انا ، ياوحشه ياوحشة  !!!!
********************
وبعدين ياحاج ، حصل ايه ؟؟؟ سأل متعال نفسه وهو يضحك وسأل الكاتب ، حصل ايه ياحاج بعد ماشتمتك وبعد ماسبتها ومشيت ، بطلت شتيمه ؟؟ يحدق في الورقه ويتمني يعثر علي بقيه اوراق دفتر اليوميات ....

نهاية الجزء الاول

ويتبع بالجزء الثاني 

يوميات ميت .... الجزء الثاني


الحياة
ايام وبنعيشها




( 9 )
نجاة
حرم المرحوم

وقفت الست  نجاة حرم المرحوم في بير السلم تشتم جارتها الست ام ندي في الدور الارضي ، تشتمتها وهي تتراقص ، ياناقصه ياواطيه ياخطافه الرجاله ، وتمزق في الدفتر ، ال وانا فاكراكي حبيبة ، طلعتي حنش بأنياب ، ياواطيه ، وتمزق في الصفحات ، اخرجي لو انت مَرة صح والمجحوم ظلمك، ردي علي لو بافتري عليكي ، وتمزق في الدفتر ، ياناقصه وجايه تعزيني وتعيطي ، وانا اللي فاكركي صاحبه طلعتي عدوة ، تضع الدفتر تحت ابطها وتصفق بيديها ، اتاري المجحوم كاتب كل حاجه ، انا ريحتي توم ، انا باشخر وهاهد العماره ، افتحي بابك لو مَرة صح وردي علي ، كذبيني ، اشتميني واشتميه علشان ناري تبرد ، قولي كان بيخرف وبيفتري عليكي وانه كان بيألف وانك صاحبة واخت وهو اللي ناقص ودون وراسه بتهلوس والحشيش كل بقيه نافوخه والجنون مسكه البعيد قبل مايغور ...
انت ياام عين بجسه بتخطبي الراجل ، بتشاغليه ، بتقولي لي بنتي وعمها واخويا والمأذون ، انتي ياللي معندكيش دم ياخطافه الرجاله تحطي عينك علي المحروق وعايزه تتجوزيه ، جتك جنازه نولول عليكي فيها ....
الست نجاه حرم المرحوم تقف في بير السلم قاصده فضيحه كبيره للست ام ندي جارتها في العقار المتهالك الذي يعيشوا فيه ، قاصده فضيحه مدويه تتناقلها النسوة في السوق وفي حفلات حنه العرائس وفي دور المناسبات وليالي الحداد ، الست نجاة حرم المرحوم اختارت وقتا تعرف ان العقار المتهالك مزدحم بسكانه وانها ساعه راحه والرجال عادوا من العمل والنسوة انهت الطبيخ والغسيل واعمال المنزل والسكون يحتل كل الادوار بعد الغداء والشاي واللذي منه ، تعرف ان صوتها سيدوي كالرعد في عز الشتا وان القاصي سيقول للداني وان اللي مايعرفش حيعرف وان فضيحه المجحوم حتكون علي كل لسان وجرسه ام ندي مالهاش زي ، خططت هي واختارت اليوم والساعه ، تراقب كل جيرانها من نافذتها الصغيره ، جميعهم عادوا للبيوت والشمس توشك تغيب والنسوة " لمت " الغسيل بعدما جففته شمس الظهيره ولو رميت الابرة في حوش البيت ترن ، هذا هو الوقت الذي اختارته لتفضح ام ندي خطافه الرجاله التي لاصانت عشره ولا جيرة ، تفضحها وتجرسها ، وتقطع رجليها من كل شقق البيت ، فمن من النسوة ستأمن لها وتسمح لها تدخل بيتها وهي التي كادت تخطف زوج الست نجاه لولا مات قبلما تكمل العقربه خطتها فبقيت الست نجاه هي المعززه المكرمه حرم المرحوم والتي ستحصل علي معاشه وبقيت ام ندي علي حالها مطلقه لا لقب ولا معاش ولا حتي ستره اخر الايام ....
كل النائمين استيقظوا وكل النسوة فتحت ابواب الشقق خلسه لتنصت لما تقوله الست نجاه التي طيرت النوم من عينين النوم ذات نفسه ، الجيران انتبهوا للمشاجره وابتسمت النسوة انحيازا للست نجاه وغضبا من خطافه الرجاله كما صار اسمها ولقبها حتي عزلت من الحي ، الزوجات يتلصصن نظرات خفيه للازواج وكأن كل منها تبحث عن جرم زوجها مع جارتهم اللعوب ، واشمعني يعني جت لغايه عندك ووقفت ؟؟ كل النائمين استيقظوا ونصب السيرك وفتح المسرح وبدأت الحفله التي لم تنتهي شهورا طويلا ، الكل ينصت للست نجاه وهي تصفق بكفيها وتهز جذعها التخين وتتعوج يمين وشمال وهي تردح للست ام ندي وتكيل لها من المنقي سم سقطري ...
انت ياعقربه ياخطافه الرجاله ياللي ماتسويش في سوق الحريم تلاته ابيض ، انت يامره يادون ياناقصه ياللي مالكيش لزمه ، انت كنت حتتجوزي المجحوم وتستغفلوني ، اهو انا طاهره وديلي طاهر واللي يجي عليها مايكسبش ، روحي يااختي اتجوزيه في المحروقه التربه اللي متلقح فيها ، جتك جنازه انت وهو ، اهو انا بنت حلال وانتي بنت حرام علشان كده ربنا كملها معايا بالستر وفضحك فضيحه المطاهر يوم المولد ، انتي ياام احمر واخضر ياعصايه النقاريه ياام منقار وبوز يخاف منه الحنش ، انتي ياملدوعه يامسهوكه ياللي في سوق النسوان اللي يبص لك يعيا ،انتي كنتي ناويه علي الغدر بيا وقبلت علي روحك تخطفي جوزي الموكوس ، ياريتك يااختي خطفتيه ، كان نقبك طلع علي شونه ، ده موكوس مالوش لزمه لاينفع طبله ولاتار ، خيال مأته والاسم جوز لولا اني اصيله داريت عليه وحفظت سره ، ياريتك يااختي خطفتيه ، كنت عرفتي الموراتيزم وعمايله وقضيتي الليالي تدعكي وتكبسي علي فاشوش ...
تلتقط نجاه انفاسها المتلاهثه وتصفق وتخبط علي كفيها وتتراقص وتتمني معركه تخرج لها فيها ام ندي لترد عليها فتجيبها من بوزها وتكسر راسها وتدوس عليها تحت جزمتها ، تصرخ وتنادي وتمني نفسها باللي يبرد ناردها ، انت ياعقربه ردي علي ردت الميه في زورك ورجعت ....
لكن الست ام ندي لاتفتح باب شقتها ولا تكترث بكل الشتائم التي كالتها لها حرم المرحوم !!!! 
الست ام ندي كانت في عالم اخر ، يومين ثلاثه وستتزوج ولاترغب في الشجار ونم الجيران ونقل الكلام والحواديت ، خافت تفتح الباب وترد علي الست نجاه فيعرف عريسها انها كانت تشاغله وتشاغل جاره وصديقه في نفس الوقت ، وانها تلقي كالعاده شبكتها في البحر وترضي بما يقع في مصيدتها ، وانه هو حظها ونصيبها وليس زوج الست نجاه الذي اتعبها وارهقها في مطاردته وانتظاره طالع ونازل وفي الاخر نقبها جه علي شونه لاطالت منه عنب الشام ولابلح اليمن واخرتها فضيحه علي واحده ونص من الست حرمه المصون ...
الست ام ندي في عالم اخر تمني نفسها ببعض السعاده التي انتظرتها طويلا ، هائمه مع افكارها واحلامها وقتما حطم صوت الست  نجاة جدران شقتها والبنايه المتهالكه كلها ، انصتت للزار المنصوب وتنهدت بعمق ، لانابني منه كلمه عدله ولاستره بعد ماغار ، همست لنفسها ، ومازال صوت نجاه يدوي وشتائمها تهدم الجدران ، ابتسمت ام ندي ساخره من حرقه دمها وصبرها علي الواطيه مرات المجحوم وتمنت لو خرجت لها تعاتبها لانها بتشتمها هي وهو الذي كان يستحق الشتيمه ، بتشتميني ليه يامايله ماكنتي تتشطري عليه وهو عينه تتدب فيها رصاصه في الطلعه وفي النزل يبص ويبحلق ووقت الجد ماطلعش له لزمه ، بتشتميني ليه ، هو اللي عاكسني وانا اقوله عيب مراتك حبيبتك واهل بيتك اهلي لكن هو لاعمل لك حساب ولا عمل للجيره حساب ، غلطتي انا بقي ؟؟ تمنت تفتح باب شقتها وتخرج لها علي بسطه السلم ، ترد الصاع صاعين والكلمه بعشرة والشتيمه بحدف الشباشب والزغاريط اللي تفضح ، تمنت لكنها لم تفعل وقررت الا تفتح الباب والا تعبرها وكفي المؤمنين شر القتال !!!
تشعل ام ندي سيجارة وتهيم مع افكارها ، تستدعي ملامحه العكره وتفشل ، نسيته بعدما فشلت معه واحبطها ، حاولت توقعه في حبائلها لكنه اجبن من الانصياع لرغباته وشبقه وجمالها ، خاف من زوجته ومن ابنته ومن كل شيء ، هرب منها ، تزفر ام ندي الانفاس الساخنه للسيجاره وتضحك وصوت المخفيه حرم المجحوم يحاصرها ويتسلل من تحت عقب بابها المحكم ومن نافذه المطبخ ومن الشرفه فوق احبال الغسيل ، يخرج للشارع من شده قوته ويعود لها يمزق سكون منزلها وسكونها ، تضحك لم يقع زوج الست نجاه في شبكتها وتصورت الموضوع انتهي واتكفي عليه ماجور بالذات بعدما مات المخفي وركزت مع جارها الذي صار عريسها وكتب الكتاب وحيعلي الجواب .. تطفيء السيجاره وتسخر منها ، اتفضحتي واللي كان كان ، اعترفي لنفسك بقي بكل اللي حصل ، الحقيقه ام ندي وبعدما فشلت معه في المره الاولي ، استمرت تفكر فيه وتفكر له في خطط توقعه في شركها ، لكن عزرائيل والعياذ بالله لم يمنحها فرصه ثانيه معه ،سمعت صراخ الست نجاه تنعي سبعها وجملها وسقف بيتها اللي اتهد ، وسمعت الاقدام الهرعه علي السلم بعدما انتشر الخبر وبسرعه ان الرجل طب ساكت ، ابتسمت يومها ام ندي لان المخفي خلي بيها ومات ولم يمنحها فرصه ثانيه معه ، تمنت لو الله اطال في عمره حتي تذيقه الشهد وسرعان ماشكرت ربها علي ستره ، طيب يبقي ايه الحل لو اتسحب عندها ومات فوقيها من كتر الفرحه وبقت الفضيحه بجلاجل وطبله وطار ، تبتسم ام ندي ، والختمه كان حيموت من الفرحه امال ايه ، ماهو محروم والمرتبه اللي معاه لاتنفع تبل ريق ولاترد روح ولا تريح جته ، ابتسمت يومها ام ندي وشكرت ربها لانها انقذها من الرجل الذي طب ساكت ، شكرت ربها لانها تصورته يموت في حضنها وتبقي الفضيحه بجلاجل وتتحسب عليها جوازه وهي لااتجوزت ولااتهنت ، شكرت ربها وارتدت عبائتها السوداء واحكمت الطرحه علي شعرها الحرير وصعدت السلم تصرخ وتولول وتجامل الست نجاه في موت سبعها وجملها ...
تصورت ام ندي ان الموضوع الذي كان بينها وبين المخفي دفن معه ، لم تتصور ابدا انه احمق لتلك الدرجه وان ماشافوهمش وهما بيسرقوا شافوهم وهم بيتحاسبوا وان مرقد لها علي الفضيحه وبالل فولها وسايبها لها ذكري سودة ، تصورت ان الموضوع مات ودفن مع صاحبه ، حتي حطم صوت الست  نجاة وصراخها المجنون وشتائمها القذره جدران شقتها ، في البدايه لم تفهم انها المقصوده بطقاطيق الردح التي تهز العقار المتهالك وتكاد تكومه فوق بعضه فوق سكانه ، لكنها سرعان ماادركت ان نجاه عرفت السر وانها تفضحها ، فكرت لحظه تفتح الباب وتكيل لها من النيله اسودها وترد عليها وتعرفها مقامها وتفضح المخفي اللي اتحايل عليها وباس رجليها واتمني منها نظره الرضا ترضي وتحكي لها عن عياطه لما اترجي واتمني وفرحته لما وافقت وقبلت ، تبتسم ام ندي ، هو صحيح ماعملش كده لكن حاقول انه عمل كده ويبقي المخفي يطلع من تربته ويكدبني بقي ، ترغب في الكيد لنجاه واهانتها ، ماهو انتي لو مره كنت حاجيتي عليه لكنك طفشتيه لما بقي زي نسوان السكك يقف علي كل عمود شويه ، كادت تفتح الباب وتكيل لها ، لكنها قررت في اللحظه الاخيره الا تعبرها وتبات نار تصبح رماد ويلعن ابوها وابو جيرانها اللي مستقويه بيهم ، قررت الا تعبرها والا ترد عليها وتتركها تحمي النار وتلهلهبها ولا فارق معاها ، حيقولوا عليها ايه ست بطاله ، طب ماهم بيقولوا ، حيقولوا علي خطافه رجاله وايه يعني دي ميزه مش طايلنها وكل واحده منهم تطفش ميت راجل وغراب ووشها يقطع الخميره من البيت ويخض المخضوض ويطفش ولايعشش و ايش تاخد الريح من البلاط الا تراب السكه وميه المسح !!!!
مازالت الست نجاه تصرخ وتسب وتلعن وتشتم وتتمايل وتصفق وتدعوها لتخرج لها لتفش غلها فيها وام ندي تتجاهلها وهي تحترق من الغيظ فصوت نجاة وسبابها ذكرها بالمخفي الذي اجهدها ملاحقته ومشاغلته وفي النهايه اعطاها ظهره وخاف من زوجته واعلنها صراحة انه لايقوي علي اغضاب الست ام العيال !!
بتشتميني ليه يامايله ، ماهو عمل حسابك وراعاكي ، وغار وانت لسه علي ذمته وخدتي معاشه وورثتي حته الارض بتاعته في البلد ، منكاده ليه بقي ؟؟؟
وفجأ انتبهت ام ندي لما يحدث ، هو المخفي عمل قطه معايا لغايه مامات وساب وراه اللي يفضحني ويمكن مراته المخفيه من رقبتي ، تتعجب كيف عرفت نجاة تفاصيل الحوارات التي كانت تدور بينها وبينه !!!
ويعلوا صوت نجاه حرم المرحوم ، اشهدوا ياناس علي اللي كتبه المجحوم ، فضحك يامفضوحه ، وكسك ياموكوسه ، بين لنا حقيقتك ياحيه مالكيش امان ، تصرخ وتسب وتلعن وهي تمزق في الدفتر ، وتصرخ وتشتم وتسب وتلعن ، ومازالت ام ندي لاترد عليها ولا تفتح باب شقتها وتزفر انفاس سيجارتها غاضبه كاظمة غيظها خوفا من فضائح اكبر ..

( 10 )
الصفحات الممزقة

كنا نائمين في حضن الغلاف القوي ، ساكنين بلا حركه ولاحياة ، تركنا الرجل واختفي من الحياه ومن حياتنا ، لم تدغدغ اسطرنا اقلامه المسنونة ولم تتراكم علي لحمنا مشاعره وحواديته ، كنا نائمين بين ملابسه الصوفيه الثقيله ، رائحته تخرج من بين اسطرنا تمتزج برائحته المعتقه في ملابسه المهملة لايرتديها ، الرف يفوح برائحة الرجل ، رائحه عرقه وقصصه وحواديته ووجعه وهمه ، كنا نائمين لانعرف مصيرنا الغريب الذي قابلناه فجأ ، اصابع مندهشه اقتربت من الغلاف ، ترتجف وهي تقبض عليه وكأنها صادفت شبحا لاتتوقعه ، خرجنا من الظلام الدافيء للنور المخيف ، هل ستكمل تلك الاصابع الغليظه مابدأه الرجل وانهاه ، هل ستدغدغ اسطرنا بقلمها هي ومشاعرها هي ، وسرعان ماانتبهنا ووعينا لما يحدث ، نري في حدقتيها دهشه وعدم تصديق ، سرعان مايتحول غضب وكراهيه ، العينين المرتعشتين علي الوجه الشاحب تكره ماتقرأه مدون علي اسطرنا وعلي ابداننا ، استشعرنا خطرا موحشا وقتما قلبت تلك الاصابع بعصبيه واندفاع بين صفحاتنا ، تقليبا موحشا وكأنها ستمزقنا ، ولماذا كأنها بل هي تمزقنا فعلا ، لم يحدث في تلك الليله الغريبه لكنه حدث بعدها بعده ايام ، في الليله الاولي التي اكتشفت السيدة نجاه وجود الدفتر ووجودنا ارهقنا من كثرة التنقل والترحال من بين يديها الغاضبه ليدي مصطفي وعينيه ، يجريا بسرعا فوق اسطرنا وصفحاتنا تتطاير الواحده خلف الاخري واسرارنا تنكشف ومشاعرنا تتعري ، صرنا مباحا مشاعا نحن والرجل الذي استودعنا اسراره ووجوده ، مصطفي سهر ثلاث ليالي للصباح دون نوم يقرأ ماهو مكتوب ، يضحك ويبكي ، يسب ويلعن ، يسخر ويشكر ، وفي الصباح سلمنا ، نقصد سلم الدفتر بنا للسيدة المجنونه نجاه ، نجاه اخذت تضربنا بسياط غضبها وتقلب في اوراقنا بعصبيه وتقرأ وتبكي وتسب وتلعن وتحمل الدفتر لاعلي وتلقيه في الارض وتكسر اسطرنا وعظامنا ، والغلاف القوي يتشقق والوجع يتسلل من شقوقه لاسطرنا فتنحرف وللدبابيس الممسكة باوراقنا فتتلخلخ ونشعر وكأن زلزالا عاصفا يهدد وجودنا و........... وفجأ اطاحت السيدة المجنونه بالدفتر وبنا في ركن الحجرة ، بعضنا بكي دموع اسالت الحبر من فوق اسطرنا ومحيت الكلمات والمعاني والبعض تحمل وصمت و............ يوم واثنين وثلاث ونحن نحتمي بالغلاف المشقق وذرات التراب تتسلل تخنقنا وتردم فوق الاسطر والمعاني ونحن نتحمل املا تحملنا يد رئيفه وتنضفنا وتحتفي بنا كما يجب عليها الاحتفاء بنا وفجأ وفي ليله كبيسه سوداء ، قبضت اصابعها العشر علي رقابنا وجرتنا معها علي السلم وسط هيصه عاليه وضجه صاخبه وصراخ احمق وسباب ملعون ، تطرق علي الدفتر وغلافه طرقات متشنجه كدقات الدفوف في امسيات الزار ، تطرق علي الدفتر وتصرخ ونحن الاوراق المختبئه بين الغلاف تتأرجح وتتوجع ، فجأ تفتح الغلاف علي مصراعيه وتنهش بدننا وتمزق ارواحنا وتبعثرنا علي الارض ، تدوس علينا بقدميها وتسب في الزوج الواطي الذي جرحها واهانها وفي جارتها اللعوب التي خدعتها وخانتها ، نصرخ نستنجد باي عاقل ينقذنا من تحت قدميها ووزنها الثقيل ، لكن احد لايجرؤ يقترب منها كالاسد المهتاج في الخلاء و......... يصرخ الدفتر فينا فروا بعيدا ، حلقوا بعيدا عن غضبها و.......... تدب فيها روح غريب ، كسرب يمام يحلق في السماء ، كسرب طيور مهاجره تفر من الصقيع للدفء ، تنبت لنا اجنحه قويه ، تحملنا بعيدا عن غضبها ونحلق في السماء عاليا عاليا ، نحلق ونحن نبكي ، نودع بعضنا البعض لاندري اين سيحط بنا المصير وهل سنبقي معا ام ستفرقنا الريح والايام ، نودع بعضنا البعض ونبكي وسرعان مانتهاوي ، كل يسقط في مكان موحش بعيد عن الاخر ، كل يسقط في مكان غريب بجزء من حكايات الرجل الذي حافظ علينا اخر سنوات حياته وحفظنا اسراره وحواديته بعد رحيله ، واصبحنا مشاعا للغرباء يتجرأون عليه وعلينا و..................الله يخرب بيتك ياست نجاه يامجنونه انتي و.............نهمس جميعا امين يارب العالمين ....

( 11 )
بوسي

نزلت علي السلم مسرعه خلف امها تحاول تمنعها من الكارثه التي نوت عليها ، والنبي ياماما وحياه الغاليين بلاش ، تضربها نجاه في صدرها وتزيحها بقوه عن طريقها ، تمسك بذراعها وتحاول تشدها لتطلع لشقتهم ، لكن نجاه صممت ونوت وعقدت النية علي فضح ام ندي فضيحه المطاهر في السوق ، هرولت بوسي خلف نجاه، علشان خاطري وخاطر مصطفي يرضيكي تفضحينا ، كلمات عاقله تحاول بها بوسي منع نجاه من الفضيحه لكن نجاه بلا عقل ، لايسيطر عليها الا رغبه جارفه في الانتقام من جارتها اللعوب التي حاولت تسرق زوجها ، انزوت بوسي علي بسطه السلم الاخيرة قبل الدور الارضي ، انزوت واختبئت بعيدا عن امها وجنونها والدفتر وفضيحته ، وانفجر البركان المشتعل وكان ماكان ، فضيحه بجلاجل ظل الجيران وسكان البيت يتحدثوا عنها شهورا وشهور ، اكثر ماارعب بوسي الاوراق المتطايره التي تمزقها امها وتلقيها باتساع ذراعها في مدخل البيت وعلي السلم ، احست بوسي عارا يلاحقها وفضيحه ، كلمات ابيها ستتناثر بين ارجل الماره وفي ايدي الجيران ، الكل سيعلم ماكتبه ابيه ، اه لو تعرف هي ماهو المدون في ذلك الدفترالذي افقد امها صوابها ووقارها واشعل جنونها بركانا تفور حممه ليل نهار ، الاوراق تتطاير في مدخل البيت وعلي درجات السلم ، تجري بوسي من مخبئها وتلملم ماتفلح تجمعه وسط غضب امها ، تحاول تخطف منها الدفتر لكن نجاة تدفعها بعيدا ، تدفعها بعيدا فتتأرجح بوسي وكأنها ستطير وتهوي من فوق اعلي السلم ، ياماما ابوس ايديك كفايه فضايح ، لكن نجاة لاتصمت ، هي تبحث عن فضيحه مدويه لجارتها خطافه الرجاله ، تمزق في الدفتر وتبعثر في اوراقه علي درجات السلم ، تصرخ وتصرخ ، وحين تكاد تسقط من قوه الاعياء والصراخ والتوتر العصبي تستسلم لقوة بوسي المفاجئه التي تجذبها من ذراعها بعنف وهي تصرخ فيها بصوت اعلي منها ، كفايه ياماما كفايه ، اطلعي بقي ومعها مصطفي الذي هبط فجأ فوق رأسه امه وسحبها بقوه صوب شقتهم ، تعالي ياماما ، تسايرهما نجاه وتصعد درجات السلم وهي تتوعد جارتها بالفضائح كل يوم تأديبا وكرها ....
تحكم بوسي الغطاء علي بدن امها المرتعش من كثرة البكاء وتغلق عليها باب الغرفه بعدما تغلق النافذه وتضلم عليها الحجرة ، تنادي مصطفي ، خلي بالك من ماما ، وتجري علي السلم تلملم في الاوراق المبعثرة ، بكره تبقي فضحيتنا بجلاجل ، ستتطاير الاوراق وتتبعثر في الشارع بين ارجل الماره وايديهم ، ستصل الاوراق لخطيبها في السعوديه ، سيفسخ الخطوبه ويتركها بفضيحه ابيها تطاردها ، لو عرف ان الراجل المحترم اللي ناسبه وحط ايده في ايده بيعاكس جارتهم لفر بجلده ، ده نسب يعر ويفضح ، ليه كده يابابا ، ليه كده ؟؟؟
تجري علي السلم تلملم الاوراق وتدفسها في صدرها وهي مرعوبه مما كتبه ابيها وتثرثر بيه امها في نوبات غضبها وجنونها ، تلملم الاوراق بسرعه وتعود لشقتها تكاد تغلق عليها الباب بالمفتاح ، تدخل غرفتها وتلقي بدنها علي السرير تبكي بحرقه وعصبيه ، ليه كده يابابا ، ليه كده ، الله يسامحك ...
وتسحب ورقه من وسط الاوراق وتنهمك في قراءتها ............
********************
ص 32
انا قاعد دلوقتي علي القهوه وباشرب شاي بمزاج وشيشه علي ميه ساقعه ولمونه وورقتين نعناع ، والست بتغني والمزاج عال العال ، لاينقصني الا ست حلوه تمتع البصر وتفكرنا بشقاوه زمان لما كانت الريحه فايحه والكل نفسه يقلدني ، طبعا الستات الحلوه اختفت من الدنيا ، واللي كانت حلوه تخنت وبقت زي شجره الجميز وكمان لازم ابطل ابص وابحلق في الستات اللي رايحه وجايه علشان مااسمعش زي النوبه اللي فاتت كلمتين يسموا بدني ، لما واد بدقن شتمني بقال الله وقال الرسول وقالي عيب يابا سنك وشيبتك وقله القيمه ، ساعتها اتكبست وسكت ، وقلت لو كنت بصحتي كنت قمت ضربته قلمين ، ماهي النظره الاولي لك والثانيه عليك وانا يادوبك سرقت نص النظره الاولي ولقيتها ست وحشه مايتبصش عليها وبطلت ابص ، انت اللي بتبص عليها ياواد ياابو دقن انت ، صايع وعامل لي سني ، علي مين ، انت اللي كنت بتبص عليها من تحت لتحت ال يعني مش قصدك لما شفتني بابص عليها اتغظت !!! روح اتنيل اتجوز علشان تبطل تبص علي النسوان ، ههههههه ، حتقولي وانت ، لا انا خلاص الوليه بقت الحكومه وانتهي الامر ، انت بقي روح اتجوز لك بت حلوه لسه في اول الطريق حلوه تهنيك ولما تقلب حكومه وتتخن زي شجره الجميز وشخيرها يصحي الحي فضايح ، ابقي تعالي اتلقح جنبي هنا وبص البصه الاولي بس اللي ليك والتانيه ماتبصهاش!!!ا
شاي وقهوه وشيشه وام كلثوم ، واخر مزاج !! اروح ليه بقي ، اروح علشان الحكومه ماتفتحش معايا سين وجيم وتجيب لي امن الدوله وشفت مين وقلت ايه وعملت ايه ومش فاهمه ايه اللي عاجبك في قعده القهوه والناس العواجيز !!! ماانا ياحكومه الهنا من العواجيز وبعدين لو مارحتش القهوه يعني حاروح فين !!!!ا وعلي ايه افتح المحاكمه الشعبيه واسمع كلمتين سم مالهمش عازه ، دور علي شغل بدل قعدتك كده ، تتصرمح من البلكونه للقهوه ، ويالا الغدا !!! غدا ايه بقي ياحكومه ، سديتي نفسي ومش عايز اتغدي ومش عايز اتصرمح ونفسي ارجع زي زمان ، ساعتها كنت عيطتي بدل الدموع دم وانت بتجري ورايا وناكشه شعرك وخايفه مني اسبيك ، والوف علي واحده تانيه ، نظرتها تبسط وضحكتها تروي وجسمها لسه مادخلش علي مرحله الجميز وصوتها ماوصلش لصور سارينه الاسعاف !!! ياريت ، لكن خلاص كل ده خلص وانتهي ومافاضلش غير الراجل البركه والست ام العيال والبلكونه والقهوه ، وطابخه ايه النهارده ،سالتها وانا قاعد علي السفره بأكل ، سالتها علشان ماتقولش مابتكلمنيش ليه ، وقلت الاكل جميل تسلم ايديك وانا مش حاسس بطعمه علشان عايز اعرف انام وقلت لها ربنا يخليكي لي علشان ترحمني وماتهويش الفرش تاني وانا نايم !!!!ا
وبس خلاص كفايه كده ، الصفحه دي خدت تلت اربع صفحات ، والحقيقه كله كلام فاضي ومالوش لزمه ، لكن اعمل ايه بقي ماهو لازم اكتب كلام كتير في دفتر اليوميات ، يادي الحوسه ، مين اللي اخترع ام دفتر اليوميات ده ..
طيب اكتب كلمتين احتياطي ، باحبك يامدامتي ، لحسن يقع الدفتر في ايدها ، وهي مالهاش تقل علي القرايه حتقرا اخر كلمتين ، وبحبك يامدامتي وانسي بقي اللي مكتوب فوق مالكيش دعوه بيه ، بحبك يامدامتي ياحكومتي العزيزة !!!ا
********************
تضحك بوسي وتبكي ، تضحك وتبكي ، يانهار اسود يابابا ، يانهار اسود ، ايه اللي انت كاتبه ده ، ليه يابابا ، ليه كده ، خليت سيرتنا علي كل لسان ، كل واحد حتقع في ايده ورقه من اللي ماما رمتها في الشارع حيعرف حكايتك انت والحكومه ، كده برضه يابابا ، فضحتنا واحنا طول عمرنا مستورين ، لو حماتي عرفت ، لو خطيبي عرف ، لو زمايلي في الجامعه عرفوا ، اعمل ايه يابابا ساعتها ، اولع في نفسي يابابا علشان تستريح ، منك لله يابابا ، منك لله ...
 ( 12 )
بائع البطاطا

امام الفرن الصديء وحبات البطاطا المتوهجة داخله فوق الخشب المشتعل انشغل رجب عن المشترين بالتلصصص علي الورق الممزق امامه ليلف فيه القطع المشويه لزبائنه ، انشغل بخطف معاني العبارات المبعثرة علي الورقه المكرمشة ، الحت عليه الصغيره ، ماتيلا ياعم ، لكن العم رجب لايسلمها ماانتقته ولايتسلم منها الثمن ، الورقه خطفت اهتمامه ، تمني لو تحرك بعربته الصغيره واطفيء الفرن وقرأ الورقه وبحث عن بقيه الاوراق التي تكمل الحكايه الغريبه التي يقرأ فيها ..
ومر اليوم سريعا ونصف عقله غائبا في الاوراق وبقيتها ، يسأل نفسه اسئله كثيرة ، لماذا كتب الرجل ذلك الكلام الغريب ، ولماذا تركه خلفه للزوجه التي لاتستحق منه ماكتبه عنها ، يضحك رجب ، اتاري الحيطان بتداري ، اتاري البيوت بتستر ، تمني لو يسأل امه هل كانت تعامل ابيه مثلما تعامل الحكومه الرجل الذي لايعرفه ، غضب رجب من نفسه ، منح الزوجه المصونه لقب الحكومه كزوجها وهو لايعرفها ، اكيد ست محترمه وهو اللي مفتري ، ضحك رجب ، انت اللي خايب وقلبك خايب ، هو جوزها وادري بيها ، لما يقول الحكومه تبقي الحكومه و........في نهايه الليله ، اغلق عليه غرفته الصغيرة واشعل سيجاره وفتح صفحه مطويه واخذ يقرأ فيها منغمسا في تفاصيل حياة الرجل الغامض بسلامته ..
********************
ص 22
الوليه صحتني من النوم ، ال ايه قوم عايزه انضف البيت ، ماتنضفي ياختي انا مانعك ، لا عايز اهوي الفرش ، انهي فرش ، اللي انت نايم عليه ، طيب اصحي اروح فين دلوقتي ، مالكيش دعوه ازاي ، انا طلعت علي المعاش ، ايوه ، طيب لماانت عارفه اقوم اروح فين ، الوليه زرجنت ، شخطت ونطرت ولا فيه فايده ، حاهوي الفرش يعني حاهوي الفرش ، ام الفرش ، قمت زي المجنون ، حاقتلها ، ههههههههه ، عجبتني الفكره ، ياسلام لو اقتلها فعلا ، فكره عبقريه ، ااقتلها وانام ، الفرش مايتهاوش ، ومحدش يعمل لي ازعاج واعيش في هدوء !!! ا
عجبتني الفكره ، قمت من السرير مقموص ، عامل مقموص ، علشان تيجي تصالحني ، ماجتش ولا عبرتني ، وطاخ طاخ ، خبط وضرب في الملاية والكوفرته ، بتهويه بتهويه !!! تقولش نايم جثه عليه وبتطهر البيت من دودها !!!
ياوليه يانكديه ، تصحيني من النوم علشان تهوي الزفت الفرش ، ولاعملتي لي الشاي ولا جبتي لي القهوه ، زي مااكون عايش معاها بضايقها !!! هههههههه لا هي فعلا متضايقه مني ومن وشي ، من يوم ماخرجت علي المعاش وهي لوت بوزها ولسه ماعدلتوش ، كل يوم ااقول حتعدله بكره ، لكن شكلها نسيت ، قالت كله من ده ، بوز معووج يعني بوز معووج ، واللي مش عاجبه ، انا يعني ، يخرج من البيت الصبح يتنيل يدور علي حاجه يعملها !! لكن انا مش عاجبني ومش خارج وحاقعد في البلكونه اشرب القهوه واتفرج علي الناس واسلي نفسي !!!1
الوليه تروح الشغل مبوزه وترجع مبوزة ، اول ماترجع تلاقيني في البيت تبوز اكتر وتقولي لسه قاعد مكانك ، ولو نزلت ومارجعتش قبل ماهي ترجع ، اول مااخش عليها تقولي متأخر ليه في الشغل اسم الله ؟؟ والبوز مستمر وان تعددت الاسباب ، ماعلينا ، الوليه مراتي ، اللي هي حكومه قلبي ، بعد ماهوت الفرش وقلقت مزاجي ، خرجت ورايا علي البلكونه ، ايه ياستي ، عايزه انشر ، ماتنشري ، لا فسح شويه ، افسح ، شويه كمان ، اروح فين ، وانا مالي ، ورايا شغل في البيت ولازم اعمله ، ماهو لو قلبك علي كنت جبت لي شغاله ، تساعدني ، تريحني ، بدل ماانا متقطعه بين الشغل وبين البيت ، وفجأ انتبهت لي وكشرت وشها وسالتني ، الا صحيح عمرك ماجبت لي شغاله ليه ، ابتسمت وبحلقت في الشارع ، ليه ، مش بترد علي ليه ، بافكر بسرعه قوي ، ده كمين والختمه ( مافيش راجل حاكم بيته يقول والختمه لكن اهي طلعت كده وكأني مش قاصدها ) ده كمين ، سؤال مش بريء اطلاقا ، وراه طلبات وخناقه ويمكن شويه عياط ، عمرك ماجبت لي خدامه لانك بخيل ، وكمان لاني دلعتك !!! لو كنت قلت لك زي اختك الملسوعه مابعرفش اطبخ مابعرفش امسح مابعرفش اكوي، كان زمانك اتنحررت زي جوزها وجبت الشغاله ، لكن انا بقي بنت اصول ، وعودتك علي الراحه ، ابتسم ابتسامه اكتر ، ومستني بقيه الحوار ، ايوه يعني عايزه ايه ، طبعا ماسالتهاش ، لكن سالت نفسي، كان حقك تفكر في شويه اكتر ، وشها ابتدي يستعد للعياط ، عمرك ماعملت حسابي ولا طيبت خاطري ، اختك جوزها مستتها وانا مش متستتة ، متقطعه بين الشغل وبين البيت !!! جوز اختي تاجر ملو هدومه وعنده بدل المحل عشره وانا موظف علي قدي وانت عارفه ، ده حواري الداخلي ، ، هو انت حلوه زي اختي ، اختي قمر ولازم جوزها يستتها ، ده حفي علي ماابويا اللي يرحمه رضي يجوزها له ، اتشرطنا عليه زي مااتشرطنا وقبل ، ماهي البت قمر ودلوعه ابوها ، ايش جاب لجاب بقي ياحاجه ياام العيال ، مش انت الخاطبه جابت صورتك لامي في البيت وقالت تستر سي الافندي بدل صرمحته ورا الحريم وريحته الفايحه ، كنت شوفتك قبل مااخطبك علشان تتشرطي علي ، مش ابوكي قال بنشتري رجاله وانت كنت قاعده مطرحك محدش بيخبط بابك ، انت قلبك ابيض واتجوزتك علشان شاطره وبتطبخي وتغسلي ، مالك انت ومال اختي ، اختي قشطه وانت قعر الحله ، ماتخليني ساكت ياستي ابوس ايدك ، انت ام العيال وغاليه ، لكن ايش جاب لجاب !!!!
وفجأ صرخت ، مالك ، انت مابتسمعش ، فسح شويه خليني انشر الغسيل ولا اقولك قوم ، ااقوم طبعا ، الشارع زحمه والدبان مالي البلكونه وقفص العصافير موسخ الارض تحته وهي مابتمسحش ارض البلكونه ، يعني القعده تقرف اساسا ، ااقوم فين ، خش جوه ، ماانا كنت جوه ، وايه يعني خش جوه تاني ، طيب اعملي لي قهوه ، عايزه الحق الشمس تنشف الغسيل قبل مالتراب مايوسخه وانا طافحه الكوته غلي وزهره ، قوم ، حاضر اقوم ، اشيل علبه سجايري والطفايه واخش جوه ، تصرخ ، اوعي توسخ جوه ، لسه مخلصه تنضيف ، مش حالاحق وراك من هنا لهناك ، حرام عليك !!!!
********************
يقرأ رجب الورق مره واثنين وينفجر في الضحك ، نكديه ، مراته اللي معرفلوش اسم نكديه وام النكد كله ، قوم اهوي البيت قوم انشر ، كأنه ترابيزه من ورث ابوها تشيلها من هنا لهنا ، تصدق ياافندي صعبت عليا ، علشان كده مابتجوزش ، اصلي مش غاوي نكد وقرف وقوم واقعد انا كده ملك زماني لاحرمه ليها كلام عليا ولا حد له عليا عتاب ، امي مقدور عليها ، كلمتين اضحك عليها بيهم وتسكت وتدعي لي ، انت والله ربنا يكون في عونك ويقويك علي اللي انت فيه ، تصدق ياافندي ياللي معرفوش قلبك معاكي ، يارب تكون جماعتك اتهدت وطيرت العصافير وبطلت تهوي الفرش وتسيبك نايم مطرح ماانت مستريح وصاحب مزاج ، صدق من سماكي حكومه ، انتي حكومه وستين حكومه وتسقط تسقط الحكومه ، تسقط اي حكومه وكل حكومه ، وانفجر بائع البطاطا ضاحكا لايصدق مايشغله  ...

( 13 )
ام ندي

انتظرت ام ندي وقتما انتصف الليل وسكن الحي ونام الجيران ، وفتحت باب شقتها وخرجت علي اطراف اصابعها تجمع الاوراق المبعثره التي القتها نجاه من بير السلم وهي تشتمها وتسبها ، بقيت طيله المساء متربصه احدا من الجيران يدفعه فضوله ليجمع الاوراق التي كانت تمزقها نجاة ، لكن احد من الجيران رغم الفضول الكبير لم يقوي يخرج من شقته معرضا نفسه لغاره من غارات الست نجاه وغضبها المروع ، اعدت ام ندي نفسها لمعركه جديدة لو تجرأت احدي جاراتها وجمعت تلك الاوراق ، خططت تفتح الباب وتمسك بالجاره من شعرها وتمسح بها بلاط السلم ، لانها حشريه وبتدب مناخيرها في اللي مالهاش فيه ، وايه صالحك انت في اوراق الست نجاه اللي رمتها وهي بتسبني ، ليكي فيها مصلحه ولا خايفه سرك يتفتش باللي مكتوب فيها ، ام ندي قررت تجمع تلك الاوراق وتشوف ايه المكتوب فيها كي تعرف مالذي افقد نجاه العاقلة الرزينة صوابها ودفعها للردح علي واحده ونصف في بير السلم ، ام ندي خافت علي بقايا سمعتها من الجيران والسمع غير الشوف والقراءة غير القول ، خافت تعقد الجارات حفله علي شرفها ،ينسخوا الاوراق ويتداولوها واللي مايشتري يتفرج ، تربصت ام ندي بالاوراق وقررت بعدما ينتصف الليل تخرج من شقتها وتجمعها ، الحق خافت ايضا تقع بعض الصفحات في يد العريس الذي كتب عليها ولم يدخل معها دنيا ، خافت يقرأ ماكتبه الرجل المجحوم فيخرجها من دنيته قبلما يدخلها ، خرجت علي اطراف اصابعها وابقت بير السلم مظلم ، وجمعت بسرعه ماوجدته من اوراق وعادت شقتها لاهثه الانفاس خائفه يصطدم بها احد الجيران في تلك الساعه فتكون الفضيحه اكبر واكبر ، اغلقت باب شقتها والقت جسدها علي الكنبه والاوراق التي جمعتها ممزقه مكرمشه علي حجرها ، اشعلت سيجاره في الظلام حتي هدأت انفاسها ودخلت غرفه نومها واغلقت عليها الباب وفردت الاوراق علي السرير ، بنظره سريعه لم تجد كلمه واحده عنها ، في البدايه تصورت ردح الست نجاة افتراء عليها ومحض اكاذيب مختلقه ، تصورت هذا فقررت ترتدي عباءتها السوداء وتخرج لبير السلم وتسبها وتلعنها وسط الليل لانها تقولت عليها وهي الشريفه العفيفه طاهره الذيل وفضيحه بفضيحه خلي الجيران تتسلي ، وسرعان ماتمالكت نفسها وادركت ان الاوراق ناقصه وان ماكتب عنه المجحوم عنها لم تعثر عليها ، لحظتها ضربها خنجر في قلبها ، الفضيحه ستطاردها ليوم الدين ، الاوراق تبعثرت وستعود لها فضيحتها في قرطاس لب او نص طعميه او ورقه تنضف بيها الشغاله قزاز الشباك ، اغتمت ام ندي وخافت من الفضيحه التي ستطاردها ، رفعت رأسها وكشفت شعرها ودعت علي المجحوم من اعماق قلبها ربنا يفضحه مايستره دنيا واخرة ، انفجرت في الضحك لان هذا الاحمق نكد عليها ليله فرحها وتسبب في فضيحه ستطاردها طيله العمر ، وامسكت ورقه واخذت تقرأ فيها فضولا لتعرف مالذي اراده المجحوم من كتابه مذكراته ....
********************
صفحه 17
دي صفحه مهمه جدا ، لاني حاكتب فيها حدث عظيم في حياتي!!!!فيه بنت صغيره عاكستني ، اه والله ، هههههههههه ، هي حلوه ، لا حلوه حلوه بجد مش بمفهومي انا ، انا كنت لابس ومتقمع ، وملمع الجزمه ولسه قايم من علي القهوه ، ليه كنت مبسوط يوميها معرفش ، كنت ماشي سعيد ومبتسم ، وانا بابقي راجل قوي لما ابقي مبتسم ، طبعا من زماااااااان البنات كانوا يتهبلوا علي لما ابتسم ، زمان وزمان راح لحاله ، المهم ماشي سعيد ومبتسم ، لقيت البنت وقفت قدامي وتنحت ، بصراحه ولاني باكلم نفسي ومحدش حيقرا الكلام ده ، انا تنحت انا كمان والمدعوق .... لا بلاش سيره المدعوق لانها سيره كلها فضايح ، حابقي اشطب الجمله دي بعدين ، المهم انا تنحت ، هي تنحت وانا تنحت وبعدين ابتسمت وقالت لي بصوت عالي ، موز فظيع !!! وجريت ، انا انا موز فظيع ، ههههههههههههه ، كنت حاجري وراها ، ااقول لها تعالي بقي الموز يورويكي حيعمل فيكي ايه ، والمدعوق هيص برضه ، هههههههههههه ، وفجأ حسيت انها قد البت بنتي الصغيره ، افتكرت بنتي ، وقلت لما حاشوفها حاكسر رقبتها ، ااقولها اوعي تكوني بتعاكسي الموز في الشارع ياقليله الادب ويمكن لو قاوحتني اديها قلمين ، امال مش ابوها و حمش ، البت جريت والمدعوق هيص وانا انبسطت .... ورجعت اخر الليل نمت انا والمدعوق - علي فكره هو دايما نايم - جنب الحكومه ، اصل الحكومه تسد النفس وتنيم بلد وتغم ، ياسلام لو البت هي الحكومه ، هههههههههههه ، لا دي تبهدلني ، لا تبهدل مين ، ده انا كنت ..... وبعدين بقي ، ولا كنت ولا ماكنتش ، تسقط الحكومه تسقط الحكومه!!!!!!!!!!!!
********************
انفجرت ام ندي في الضحك ، تضحك ودموعها تسيل علي وجنتيها ، المدعوق نايم علي طول ، يامنجي من المهالك يارب ، تضحك وتضحك ، المدعوق هيص ، يخرب بيته يامجحوم مطرح ماانت قاعد ، ماهي الوليه برضه ليها حق تاخد علي خاطرها ، حد يكتب كده ، تسقط الحكومه ، سقطت سنانك ومالقيتش طقم يركب مكانها ، سقطت حواشيك مكانها وبقت فضيتحك بجلاجل ، تضحك ام ندي وتضحك ، اتاري الست نجاه صواميلها فكت ، الراجل اتجنن علي كبر ، بقي يام البت قالت موز فظيع ، كانت بتتكلم علي مين يامايل ، ياعيني الراجل اتهبل ، فاكر البت كانت بتتكلم عليه ، انت موز ، ده انت صباع موز متقشر والقرود واكلاه ، ده انت راس العبد متنضف بيها الحيطان ، بقي المدعوق هيص ، وتضحك وتضحك ، يجازيك يابعيد مطرح ماجتتك متلقحه ، هو المدعوق ماكانش منه رجا خالص كده ، بحيث لما البت ام وش مكشوف عاكستك في الشارع ربنا نفخ في صورته وهيص !!! كريم ربنا انه انقذني منك ، اللي يشوفك قيمه وسيمه اتاري المدعوق مامنوش رجا ، اشكرك يارب علي كل نعمك ...وتضحك ام ندي وتضحك ودموعها تجري علي وجنتيها لاتصدق الكابوس الذي يعيشوه جميعا .....

( 14 )
القلم الحبر

اتذكر اللحظه الاولي التي قرر يدون فيها بمدادي مذكراته في الدفتر الذي انتقاه واشتراه بمنتهي الاهتمام والحب ، يومها نزل من المصلحه التي يعمل فيها ساخطا علي حياته بعدما وبخه المدير لانه يعطل مصالح الجمهور ، يومها تشاجر مع المدير لانه لايعطل مصالح الناس لكنه يراعي مصالحهم ويراعي ضميره ويتقن عمله ، المدير لم يعجبه كلامه وزاد من توبيخه لانه يعطل الطابور ويثير الجمهور غضبا ، قال كلام كثير لم يعجب الاستاذ حسين باشكاتب المصلحه الذي قرر ينصرف قبل انتهاء مواعيد العمل ، ربما يومها قرر يستقيل من عمله ، قرر يكتب استقالته ويلقيها بمنتهي العجرفه في وجه المدير ، هرول علي سلم المصلحه وخلفه بعض زملاءه يعقلوه ويطالبوه بالتريث لانه لو استقال سيفقد مكافأه نهايه الخدمه والحمل ثقيل والعيال مطالبها كثيرة ، قالوا له يلعن ابو المدير علي ابو المصلحه وانه يتعين عليه يربط الحمار مضع مايرغب صاحبه وانه عبد المأمور عليه يطيع المأمور وصاحب المأمور ، كان غاضبا عصبيا يشعر بأن حياته لاقيمه لها وانه حتي وقتما اراد يتقن عمله وبخه المدير ، قال له زملاءه واحنا مالنا ، اللي مطلوب منا نعمله وبس خلاص ، سرع نسرع ، بطيء نبطيء ، اقترح احد زملاءه بصيغه العالم ببواطن الامور ، روح النهارده وبكره ترجع شغلك ولاكأن فيه موضوع !!!
خرج الاستاذ حسين من المصلحه يهيم علي وجهه في الشوارع المزدحمة ، اخذته ساقاه لمكتبه صغيره في وسط البلد ، وقف يحدق في نافذتها الزجاجيه الواسعه ، وفجأ دخل وقرر يشتري الدفتر الجلد الكبير ذو الغلاف الاحمر ، احتضنه فرحا وخرج يؤرجح ذراعيه فرحا حرا ، وصل للمقهي الذي اعتاد يجلس فيه مكتئبا ، سأله صبي المقهي عن سر وصوله مبكرا خلافا لميعاده اليومي ، ابتسم خلافا للعاده وطلب منه منضده في ركن بعيد قصي واوصاه بالقهوة والهدوء ، اخرجني من جيبه ونظر لي بحب واعجاب وكأنه يوصيني بدفتره واوراقه ، تصورته سيكتب شعرا مثلما كان يفعل قديما ، ربما يكتب قصه قصيره كالتي حلم يكتبها ، لكنه فاجئني وقتما اكتشفت انه قرر يكتب يومياته فاجئني وادهشني ، لماذا ؟؟ لان حياته فقيرة بسيطه لاتستحق كتابه يوميات ولامذكرات ، لست متعسفا فيما قلته ، ليس زعيما سياسيا ولا فنانا مشهور ولا لاعب كوره شارك في كأس العالم ، ليس سفيرا في الامم المتحده ولا عضو بمجلس قياده الثورة ولا مفكر سياسي ، هو انسان بسيط ، باشكاتب في مصلحه حكوميه يؤدي عمل روتيني ممل لايستحق الكتابه عنه ، وفي بيته ايضا ومع اسرته يعيش حياه روتينه بارده خاليه من الاحداث التي يلزم الحكي عنها ، حتكتب يوميات عن ايه ياحسين ؟؟؟ سؤال ظل بلا اجابه بعدما كتب صفحه وعشره وعشرين وخمسين ، اطيعه فيما يرغب وانمق الاحرف وعلامات التشكيل واضع النقطه في نهايه الفقرة وابدأ من اول السطر ومن اول الصفحه ، اطاوعه فيما يرغب وفيما يكتب لكني لست سعيد ، تصورت ذات يوم بعيد اني سأكون قلما لشاعر مرموق مشهور واني بعد موته ساباع في مزاد علني او سيحتفي بي في فاترينه زجاج تسلط علي الاضواء ، في شبابه كان موهوبا ويقرض الشعر وكل من يقرأ تجاربه الاولي يشيد بها ، بل ان قصيدته التي نشرها في مجله الجامعه لاقت استحسانا من القراء والنقاد ، منحني له ابيه هديه النجاح في نهايه المرحله الثانويه ، منحني له واوصاه يحتفظ بي ويحافظ علي ذكري من الاب وذكري النجاح والتفوق ، يومها تصورت اني ساكون من الاقلام المرموقه التي يتحدث عنها التاريخ كالقلم الذي توقع به اتفاقيات السلام في الحروب والقلم الذي يوقع به الكتاب المشهورين علي كتبهم في الاحتفالات الكبيرة ، تصورتني قلما لشاعر مشهور اكتب كل ابداعه واحكي بعد موته عن معاناته مع شياطين الابداع وملائكته ، لكنه خذلني ، الحق خذل نفسه ، لماذا نسي الشعر ، لماذا قتل الموهبه التي كانت توجعه وتحثه يتمرد علي الحياه الرتيبه ويتألق ويسطع ، لماذا نسي الشعر ، هل نسيه وقتما اجبرته امه يتزوج من ام العيال الوقورة المملة التي اعتبرت الكتابه تضييع وقت والشعر عبث والقراءة تبديد لموارد الاسره علي كتب لافائده منها ولا تشبع ولا تغني عن جوع ؟؟؟ هل نسيه وقتما القاه حظه العثر في تلك المصلحه الحكوميه التي استلم عمله فيها في غرفه بلا نافذه في البدروم فبدد حياته وصحته وحيويته في تلك الغرفه الخنيقة يستنشق التراب ورائحه عرق الجمهور فشحبت روحه وشاخت ووأدت موهبته تحت ركام ملفات الجمهور وبقايا الفئران التي تاكل الورق وتأكله معها ؟؟؟ لااعلم والحق لااتذكر ، اتكلم عن تاريخ بعيد ، نسيت تفاصيله ، الان كل مااعرفه انه صار الباشكاتب في المصلحه الحكوميه يؤدي عملا مملا روتينيا خانق حتي بخل عليا بتوقيعي علي اوراقه واشتري قلم رخيص يوقع به شخبطات غير مقروءة ويلقي به تقززا في درج مكتبه المكسور !!!!
ماعلينا ، لن تكتب شعرا ياحسين ولن تكتب قصص قصيرة وستكتب يومياتك ، لعلك جننت ياحسين ، لعل المدير البغيض استفزك ببلادته فقررت تثبت انك ورغم كل شيء مازلت انسان تعيش وتشعر وتفكر وتتمرد ولو بكتابه يومياتك التي سيراها الجميع لاقيمه لها لانك مجرد انسان عادي تعيش حياه تافهه لاتستحق التسجيل ؟؟!!!
الايام بيننا ياحسين ، اظنك ستمل وتنسي الكتابه وتلقي بالدفتر تحت ركام ملفات الجمهور وتعيدي محنطا لجيبك لاتكتب بي ولا تكترث بوجودي وتقهرني بالاقلام البلاستيكيه القبيحه التي تشتريها لتوقع بها علي الاوراق التافهه التي تستلزم توقيعك !!!
الايام بيننا ياحسين وساثبت لك بالدليل العملي ومن سلوكك شخصيا انك ستمل سريعا وستكف عن الكتابه وان الدفتر سيبكي اهمالا وساشاركه البكاء!!!!

نهاية الجزء الثاني

ويتبع بالجزء الثالث