مدونة "حكي وحواديت" للكاتبة والروائية أميرة بهي الدين



الخميس، 25 أكتوبر 2012

22 نوفمبر 2012


حفل توقيع 22 نوفمبر 2012




في مكتبة القاهرة الكبري بالزمالك 
يوم 22 نوفمبر 2012 
الساعه السابعه والنصف 
حفل توقيع وندوة 
لكتابي 
( حواديت كتبها العشق ) و ( حواديت مدادها الوجع ) 

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

ياله من موت رومانسي !!! .... الجزء الاول




قالت لي : لم لا تاتي؟
قالت لي : لم لا تبقى؟
قالت لي  : لم لا تضحك؟
قالت لي : لم لا تموت؟
اتيت
بقيت
ضحكت
ومت
ناظم حكمت


في الحلم ...
اتته جارته الجميلة تتشاجر معه ...
اتته زوجته التي كانت تتشاجر معه ..
اتته حبيبته تتشاجر معه ...
اتته عشرات النساء اللاتي عبث معهن وكذب عليهن يتشاجرن معه ..
اتته السيدة التي لايذكر ملامحها وابتسمت ، فاستيقظ مفزوعا !!!!

"" انتظرت مكالمته كثيرا ولم يتصل بها ، ادركت انه اتخذ قراره الاخير ، قررت تكتب له رسالة ، لااعاتبك ولن افعل ، لاادللك ولن افعل ، لا ابرر لك ماسافعله ولما افعله ... قررت تكتب له رسالة تخبره انها كانت ومازالت تفهمه ولانها تفهمه ، قررت تهجره وللابد ، هذه كلمات وداع ليس اكثر ........... وبدأت في الكتابه ... """ ..

استيقظ من النوم ، قرر الا يستيقظ ، سيعود للنوم ، اغمض عينيه بقوة بشدة  ، سيعود للنوم ولن يستيقظ الان ، هكذا قرر ، لكن النوم فر من فراشه وفرض عليه اليقظة ، انه وقت الاستيقاظ  ، نظر في ساعته بعيون نصف مكسورة ، انتصف النهار وهو يطارد اشباح الليل في كوابيسه وتطارده فتبقيه ذبيحا في سباته...
حرك رأسه يمينا ويسارا ليؤكد استيقاظه ، الضوء الشاحب المتسلل من الشرفه الصغيره فوق قدميه يداعبه ، الشمس في كبد السماء ، وقتها ترسل له اشعتها تدغدغ قدميه وتوقظه مرحا ، كان هذا في الايام السعيده ، اما هذه الايام فالشمس تلقي عليه باشعتها غاضبه من مواته الدائم فوق الفراش ، ترسل اشعتها تحرق جلده الجاف وتتسلل بين اصابعه وخز دبابيس ، نعم الان الشمس في كبد السماء واشعتها تحرق قدميه وروحه ، لانه كسلان حد الموت ، ولايفيق من الموت المؤقت الا ليكسل ثانيه ويموت للمره الالف ، حرك رأسه يمينا ويسارا ، مازال في ذات الغرفه الرماديه وفراشها النحاسي الذي ورثه عن جده ، المرأة التي انطفأت لمعتها تشد بصره ، يري وجهه منبعجا ، يضحك ويسعل ويسب ويلعن ويضحك ويضحك ، عليه يستيقظ وبسرعه ويفيق ويتحمم ويرتدي ملابسه ويخرج ليقابلها !!!
سب ابيها وامها ، تطفئ روحه فيتيبس في فراشه ويقتله النوم ويضيع النهار والعمر وهو يصارع الكوابيس التي يراها تبتسم فيها ابتسامتها التي يكرهها ، ضرب وجه باطراف اصابعه ، هو يحبها ويحب ابتسامتها ، وهذا قراره الاخير بعدما اتعبته الوحدة وبعدما تكدست الاطباق في الحوض لاتجد من يغسلها !! ... ومازال جسده ملقي فوق الفراش النحاسي مخدر وذهنه نصف يقظ والنصف الاخر يتشاجر معه ويغادره ويلقي بنفسه من الدور التاسع حيث تقع شقته الصغيرة فيحلق عصفورا كسيحا يتأرجح ويكاد يهوي محطما علي الرصيف المليء بالقمامه!!!!

"" وقعت باسمها ثم حذفت التوقيع ، سيعرفها دونما حاجه لاسمها ، سيقرأ احرفها فيتعرف عليها ، سيشم رائحتها من بين الاسطر ، سيسمع همسها وسط صخب الكلمات ، سيتعرف عليها وعلي عباراتها المرزكشة بروحها التي يعشقها ، ستوجعه بكلماتها نعم لكنه سيحب وجعها مثلما يحبها ، حذفت التوقيع ، ثم قررت تغير الخط ، ثم عدلت عن الفكره كلها وقررت تكتب له خطاب اخير تودعه فيها ، نعم ، تودعه ، هذا اخر ماقررته بعد كل العذابات التي منحها لها ، منحها الفرحه ومنحها العذاب ، تمنته يمنحها الفرحه ويحميها من العذاب ، لكنها فشلت معه ، الف فشل ، كل منهم كان يحرضها بقوه علي مزيد من المقاومه ومزيد من الاصرار ، لكن جهدها معه ينفره وصمتها يقتله وشجارها يثير جنونه وحبها ، ااااااه من حبها ، حبها يفقده صوابه يكره ويحبه ، يعشقه وينفر منه ، يقترب بسببه وبسببه ايضا يبتعد ويجري ، وهي ارهقت ، ارهقتها المحاولات الفاشله للاستحواذ علي روحه ، ارهقتها مقاومته وفراره وعنده وغضبه ، كل هذا ارهقها ، وقررت في النهايه ، تكتب له خطاب تودعه !!! محت كل الاسطر التي كتبتها علي الكومبيوتر وقررت تكتب له خطاب بخط يدها ، عله يشعر من ارتعاشه الاحرف وانتفاضه الاسطر قدر غضبها وارهاقها وحزنها وحبها !!! و........ بدأت من الاول ثانية ، احتارت بما تناديه ، حبيبي ، صديقي، انت ، اخي ، وقررت مثلما قررت من قبل ، ان تسكب ارهاقها فوق الاسطر دون مقدمات ودون تحايا و........بدأت في الكتابه اليه مرة ثانية """ ...

حدق في المرآة ، ابتسم متعبا !! 
ملامحه غريبة جدا ولايعرفها ولم يتعرف عليها ، يعرف ملامحه طبعا لكن مايراه الان ليست ملامحه التي يعرفها !!!
ربما المرآه المشروخه افسدت شكله وغيرت ملامحه ، ربما قلة النوم ، ربما الزهق والملل ، ربما الشوق للحبيبة التي قرر بثقة انه لم يعد يحبها وقرر ينساها اطفيء سطوع حدقتيه وهدل جفنيه وورم خديه وزرق شفتيه ولونه بلون الوجع فصارت ملامحه مثلما يراها الان غريبه عنه وعن وجهه ولايعرفها !!!
ربما والف ربما وليس مهم اي واحده منهم ، اعطي المرآه المكسورة ظهره وقرر انه علي مايرام جدا وانه سعيد جدا وانه نشط جدا ، هكذا قرر بثقة وحسم  ..
نظر طويلا لجسده ، فقد كثيرا من وزنه الشهور الماضية ، سخرت منه شقيقته لان شكله بيحب ومش طايل ، نهرها لانها طول عمرها قليلة الادب ، قرر يلعب رياضة وينشط عضلاته اليابسه المتيبسة ، قرر يعود لحمام السباحه المغطي الذي هجره من ايام الجامعه ، قرر انه يحب جسده بعدما فقد الدهون التي كسبت علي صدره طويلا ، سخرت منه شقيقته ثانيه وقالت انه بقي زي عصايه الغليه اللي مالهاش لزمه و انه زمان قبل مايتدهول كان بياكل وز ويشبه ولاد العز ، نهرها بعنف اكثر وقال لها خليكي في نفسك ومالكيش دعوة بي و............. شكلي اتغير فعلا ، همس لنفسه وقتها ومازال يهمس ، صار علي راي اخته مثل عصاية الغليه اللي مالهاش لزمه !!!!
سكب نصف زجاجه العطر العتيق فوق راسه وبدنه وابتسم اكثر !!! 
دفس القميص في البنطال وتحسس حافظته وتليفونه وعلبه سجائره واغمض عينيه لينسي شكل الرجل المنعكس في المرآة القديمه المشروخه والذي لايعجبه ولايحبه!! 
فتح عينيه وابتسم اوسع واوسع و........ اطفيء نور الحجرة وخرج للصاله ، تلفت حوله ، كل شيء كئيب مثلما هو ، رائحه الرطوبه وماكينه التريكو بتاعت امه  والجرامافون القديم ملك جده وكتبه التي قرأ فيها والقاها علي الارض وداست عليها الاقدام واعادها للمكتبه بطين الاحذية والاكواب الفارغه التي كسل يغسلها واعقاب السجائر المتراكمه واقفه فوق المنضده الرخام القديمه ، كل شي كئيب مثلما هو ، ابتسم ساخرا من نفسه ومن الصالة وصفر بلحن قديم لايذكر كلماته وتحسس جيبه متأكدا ان مفاتيح الباب معه حتي لايكرر الكارثه التي فضحته في البنايه كلها وقتما عاد وش الصبح مخمور واحتاس امام باب الشقه وهو لايعرف كيف يفتحه فطرق عليه معتقدا ان امه مازالت حيه وستفتح له وستنهره وسيلقي بجسده علي الفراش وينام بملابسه مثلما كان يفعل وقت شبابه ، طرق علي الباب طرقات متلاحقه قويه فاستيقظ جيرانه وبقي الباب مغلقا ، ويومها جحدته الجاره العجوز بنظره قاسيه وعرض عليه الجار الاعزب يقضي بقيه ساعات الليل عنده والصباح رباح وقررت جارته اللعوب تجرب مفاتيحها في الباب عله احدهم يفتحه فتتسلل له وسط الليل بعدما يغرق السلم في الظلام وقتما يطفيء البواب العجوز ماكينه الكهرباء توفيرا لصاحب البنايه ، يومها دفع الباب بكتفه دفعة قويه خلعت مفاصله وتركهم امام بسطه السلمه يتسامروا ونام بملابسه وروح امه تنهره وتسخر منه مثلما كانت تفعل طيله حياتها !!! تأكد ان المفاتيح في جيبه فرفع صوت صفارته وكأنه مرح و خرج من الشقه ورطم بابها خلفه وخرج ليقابله حبيبته ، حبيبته الجديدة !!! 

""" قررت ارفع الراية البيضاء واتركك لاختياراتك ، لن انقذك منها ، فقط سانقذ نفسي !!! سأفر انا ايضا منك مثلما تفر مني ، يبدو ان قدرك العذاب وقدري ... قدرك العذاب لانك لن تسكن لحب مهما كان وقدري العذاب لانك لاتسكن لي ولم افلح اخلعك من روحي ، نعم مابيننا لقاء ارواح ، ليس حبا بين ذكرا وانثي وفقط ، وليس علاقه عاطفيه حسيه جسديه وفقط ، مابيننا لقاء ارواح تاهت طويلا حتي تلاقت وحين تلاقت كانت الايام قد اوجعتها حتي استحال التلاقي ، فكأن حكم عليهما بالنفي والتيه في الاول والتيه والنفي في الاخر ، قدرك العذاب وقدري لانك قدري .... "" قرأت العبارات التي سطرتها علي الورقه وابتسمت ، بدايه قوية لثورة ستفرغ قسوتها ووجعها علي الاسطر وتلقيها في وجهه ، رساله للفار الذي لن يعود ، لاتتعب نفسك وتفر ، انا التي سأفر هذه المرة ، واريحك """ ..

مازال يصفر وكأنه مرح فرح ، يتأرجح علي درجات السلم وكأنه سيقع مغشيا عليه ، شقته في الدور التاسع ، لم ينتظر المصعد وقرر يهبط علي قدميه ، قرر يهبط السلم درجه درجه وكأنه يحتاج وقت طويل حتي يصل للارض ويذهب لمقابله حبيبته الجديدة ، الافكار تداهمه مع كل درجة من درجات السلم ، وشريط حياته يجري امام عينيه مشاهد متلاحقة ، للمرة الاخيرة سيهبط السلم وعندما يصعده ثانيه سيكون قد نفذ قراره الاخير ، عليه يتزوج ويستقر ، عليه ينهي حالة الوحدة والوحشة ، عليه يتزوج وبسرعه ، عليه يفر منها ، الحبيبة التي تشعره بعجزه ، لو احب اي سيدة اخري ماشعر بمثل ذلك العجز ، هو عقيم وهي مثل القرنفله الحمراء تفوح حيويه وخصوبه ، انسه لم تتزوج وتحبه وهو مطلق وعقيم ، تحلم بالامومه ولن يقوي مهما احبها يحقق حلمها البسيط ، عليه يفر منها ، هي في بدايه العمر وهو في بدايه نهايته ، عليه يفر منها وكفاه يعذبها ويعذب نفسه ، يحبها نعم لكن من قال ان المشاعر تكفي للحياه ومن قال ان الحب يصلح لافساد ماافسده كل الدهر  ، حبها يشفيه من وجعه لكنه يذكره بعجزه ، وحبه يسعدها لكنه يشقيها والدائرة تلف وتلف ، وعليه الفرار وعليها الخضوع لقراره ، لن يقص عليها اوجاعه ، لكنه سيجبرها تنفذ قراره مهما كانت صعوبته وقسوته ، قررت ابعد عنك ياحبيبتي ولاتملكين الا انصياعا لارادتي وقراري ، لاتملكين الا انصياعا ، مهما حاولت اثنائي عن قراري لن تفلحي ، لن تجدي دموعك ولن يجدي حنانك ، لن يجدي غضبك ولن تجدي مشاعرك الرقيقه ، لن اعدل عن قراري ، انت اختي وفقط!!! وانا اخيك وابيك !!! وانا ساتزوج باخري احبها ، نعم احبها ، لااكذب عليك احبها فعلا ، وانت ستجدي من يحبك وتحبيه و......... توته توته خلصت الحدوته و.............. انتبه انه لم يهبط منذ خرج من شقته الا درجتين وفقط  ، وكأنه قرر يترك حكايته معها علي بسطه السلم ويبدأ الحكايه الجديدة وهو حر طليق من اي شيء حتي وجع قلبه وعذابه ... احبك لكني لااقوي علي حبك وانت تحبيني ولاتفهمي معني حبي ، وقدرنا العذاب ياحبيبه القلب ، ادعي لي بالتوفيق في علاقتي العاطفيه الجديده التي سانهيها بالزواج ولاتساليني هل ساكون سعيد لاني لااعرف ولن ارد عليك ولااكترث !!! المهم الان بل والاهم انهي غرامنا الموجع ، وبعدها ... فيأتي الله امرا كان مفعولا ... وهبط درجتين ثلاثه بسرعه ووقف مكانه ثانية يخاف ينظر خلفه فيجدها تقف علي باب شقته الموصد امامها بعيون باكية وروح مجروحه ولوم عميق !!!

""" لم يكن مابيننا مجرد حب ، ولن يكون الفراق بيننا مجرد فراق ، كان وصل للارواح وسيكون تحطيمها ، لاتستخف بما كان بيننا ولا تستخف بما سيحدث فينا ، اعلم انك لن تستكين لي واعلم اني لن اسكنك ، اعلم انك لن تصغي لي واعلم اني ساخرس انصياعا لرغبتك في الفرار ، انت ستفر في اتجاه وانا ساأفر في الاتجاه الاخر ، وسنبتعد ونتعذب ونبكي ونتاوه ونتوجع ، لكنه قدرنا ياحبيبي ، قدرنا العذاب ، لم يكن ما بيننا مجرد حب ، كانت ارواح تائهه حائره متعبه ضائعه في الفضاء تعثر علي بقيتها ، ولن يكون مابيننا مجرد فراق ، بل سيكون تمزيق للسكينه وبعثرة للحياة ، لكني لااملك ردا لقرارك ، سانصاع لك واقبل ماتفرضه علي ، سابتعد عنك لكن لاتطلب مني اكف عن حبك ولااكف عن البكاء ، لاتقل لي حبي يوجعك ودموعي تحرقك  ، وانت ايضا غيابك يوجعني وهجرك يحرقني ، وانا وانت في النار ، كنا وسنظل !!! """

هبط علي درجات السلم المتأكله ببطء ، يقف علي بسطه الدور الثامن ، صوت الصفاره بين شفتيه يخفت ويخفت ، رمال متحركه تشد قدميه ليبقي مكانه ، ملايين النمل الصغير ينهش جلده ويتسلل من اعصابه المشتعله لجلده الملتهب ، يشعر ارهاقا يكسر عضامه ووهن ، احس دوارا وكأنه سيسقط من فوق السلم ، تعب لاتحمله ساقيه ، كأنها تقاومه ، لاتريد الذهاب ولاتريد مقابلتها ، الحبيبة الجديدة ، انتفض غاضبا من ساقيه ومن الدوار ومن الافكار السلبيه في راسه ، ،يتشاجر مع نفسه ، ساذهب لمقابلتها ، فهذه ليست لعبه العبها ، لست طفلا ، انا رجل كبير واتخذت قرار بعد تفكير عميق ، ارتحت للقرار وسعدت به ، ساذهب لمقابلتها وانا سعيد فرح ، ويبتسم ابتسامه واسعه ويقاوم ويقاوم احباطه ويأسه وكراهيته لنفسه ولكل قراراته الفاشله ،يبتسم ويقاوم نفسه ويحدق في السلم ودرجاته المتآكله يتمناه يسقط به وتتحطم عظامه ويمنع من الحركه طويلا ، يتمني كل هذا حتي لا يعتذر لها ولا يعود في قراراته السعيده .. يهبط درجتين ثلاث ويبتسم اكثر واكثر ويزفر انفاسه قويه مؤكدا لنفسه انه سعيد وراضي عن اختياراته وانها السيدة التي تناسبه !!! 
تذكر امه تقف علي بسطه السلم تنضف السجاجيد ، تذكر عواصف الاتربه الخانقه التي تثيرها السجاجيد في بير السلم ، الان يستنشق تلك الرائحه ، يكح ويكح ، يشعر بالاختناق ، يرفع رأسه لاعلي وكأن امه تقف علي بسطه شقتهم ، وكأنه سيناديها ، وكأنه سيتوسل اليها تكف عن اثاره عواصف التراب في انفه ، لكنه امه ماتت والسجاجيد بليت وعواصف التراب سكنت في نسيجها حزنا ، امه ماتت لكن التراب في انفه يخنقه ، هو فعلا يختنق ، لو احدكم شاهد وجه في هذه اللحظه بالذات سيري وجهه ازرق وعينيه جاحظتين وشفتيه يرتجفا وهما ينفرجا بتوتر بحثا عن هواء يتقنصاه ليدخل لرئتيه المتقلصتين من اختناق التراب ، همس الله يرحمك ياماما وضحك ، ذات يوم صارحها ، حاقولك ياامه ، لم تفهم ، شرح لها ان زملاءه في الفصل يسخروا من رقته وهو يهمس ماما ، شرح لها انه سأم من سخريتهم وان اي اسم يمنحه لها لن يغير من مكانتها في قلبه ، يتذكر يومها قدر غضبها من كلامه ، يتذكر يومها ما صرخت به في وجهه ، أن اللي في القلب في القلب لكن لازم الواحد يعرف يقول الكلام الصح في الوقت الصح ، وانها ماما وستظل ماما وعليه يتحمل سخريه اصدقاءه من اجلها ، لكني لااقول الكلام الصح في الوقت الصح ابدا ، يهمس لروحها التي تلاحقه في خطواته ثانيه بثانيه ، يهمس لها ان كل كوارث حياته سببها انه يصمت في الوقت الخطأ ويتكلم بمالايرغب في قوله وان مافي قلبه لم يعبر عنه وان قلبه اوجعه من كثره الصمت وانه يتمني يقول ، يضحك فترن ضحكاته في بير السلم ، الان بالذات لايرغب في قول اي شيء ، فقلبه مثل روحه مثله يحتلهم الخواء ، فتلك المرأه التي لايتذكر ملامحها لاتمنحه الا الخواء ، ربما لهذا السبب قرر يحبها وقرر يتزوجها ، ستتركه وشأنه وتترك روحه في حالها ، تمني لو عادت امه للحياة ليشرح لها قدر معاناته وهو يقرر طائعا مختارا ان يترك الحبيبه التي يتمناها ويحب السيده التي لايتذكر ملامحها !!!!

""" اقدر وجعك وافهمه واعرفك واعرف انك في علاقه باخري !!! لن اقول علاقه عاطفيه ، فانت لسه في علاقه عاطفيه ، ولن اقول لك بانفعال العاهرة لانها ليست عاهرة ولانك لاتعاملها معاملتك اللطيفه للعاهرات ، لايهمك التوصيف الذي تسبغه علي تلك العلاقه ولايهمني انا ايضا ، اعرف انك في علاقه باخري !!! كيف عرفت ، عرفت بطريقتي الخاصه ، بحاستي السادسه ، بمشاعر الانثي التي تتداخل مع موجات ارسالها واستقبالها موجات اخري تبثها اخري في نفس الاثير ، عرفت من انطفاء لمعه عينك ، من صمتك المفاجيء ، من الكبسه التي خيمت علي روحك فأطفئتها ، من الزيف المروع الذي تحاول باستخدامه افهام نفسك وافهامي انك في منتهي السعاده ، اعرف انك في علاقه باخري ، لم احتاج منك اعتراف ولا بوح ، عرفت لان روحك شردت من حضني للفراغ ، هي تطاوعك معذبه بجموحك وجنونك ، تطاوعك وتسايرك مرغمه علي الغرق معك في ركام العبث الذي تشتاق اليه من بين كل حين واخر ، عرفت انك في علاقه باخري ، وعرفت انك ستخرس طويلا ثم تكذب طويلا ثم تتعذب طويلا ، وانك ستحمل همي وكيف ستخبرني بالفراق الجديد وكيف ستبرره لي ومالذي ستقوله ، عرفت ان راسك سيتحطم من كثرة التفكير ، وانك ابدا لن تقول الحقيقه ولن تخبرني بما حدث وكيف دفعتك تداعيات تفكيرك للفرار الاخير حسبما تظن ....""

تمني لو يصعد بسرعة الدرجات القليله التي هبطها ، تمني لو خلع ملابسه وعاد لفراشه واغلقه عينيه بقوه ونام ، نعم سيصعد لشقته ويفتح بابها الثقيل ويهرع لفراشه يرمي بدنه المتيبس عليه وينام ويكسر صوت شخيره جدران البنايه وزجاج نوافذ الجيران ، سينام لاني مريض ، نعم انا مريض ، مريض بالحب الطاغي الذي لاانهل من عيونه ، ومريض بداء الكذب علي النساء ، ضحك ، لايوجد مرض بهذا الاسم ، ليس مهم ، انه مرضي اعرف اعراضه واوجاعه وعذاباته ، سيكتبوه باسمي في المراجع الطبيه ، داء الكذب علي النساء !!!! تذكر ايام المدرسه الاولي بعد الاجازة الصيفيه ، كان يكره المدرسه ويكره الاستيقاظ مبكرا ويشعر غثيان ويتمارض املا في شفقه امه لكنه ابدا لم يفلح يقنعها بمرضه ، كانت تستمع له ولشكواه وتبتسم بخبث حتي ينهي كلامه وبحسم تهمس ، برضه حتروح المدرسه !!! مش عايز اروح المدرسه ياماما ومش عايز اروح في حته ، يهمس لامه ، لكن امه ماتت وهو كالتلميذ البليد يتجحح باي حجج حتي يعود لفراشه وينام ولايذهب الميعاد الذي حدده هو ، تعرف عليها في صدفه ما لايذكرها ، عانس فاتها سن الزواج ربما في نفس عمره او اكبر ، لايكترث ، تضحك كثيرا بلا معني واسنانها كثر ، ربما اكثر من اسنان بقيه البشر ، اربعين سنه وضرس وربما خمسين ، هكذا يشعر وقتما تفتح فمها وتضحك ، هي مناسبه له وهو مناسب لها ، فاتها سن الزواج وهو مطلق بلا اطفال .. هي مناسبه وهو مناسب ، وقرر يحبها ويتزوجها ويكمل بقيه حياته معها ، هكذا قرر واليوم قرر يفاتحها في الامر و.................. وقف يلتقط انفاسه علي عتبات الدور السابع !!!!

"" اقدر وجعك وافهمه ، وافهم انك ابدا  لن تقل لي الحقيقه وانا لاانتظرها منك ، فانا اعرفك اكثر منك واعرف كيف تفكر وكيف تخاف وكيف تهرب وكيف تزين لنفسك الهاوية وكيف تكذب فتري السم عسلا وتري الاسود ابيض وتخدع نفسك حتي تقهرها فتعود وتقهرك وتؤكد لك ان كل اكاذيبك لاتنطلي عليها وتواجهك بكذبك فتكتئب اكثر واكثر .... انت في علاقه باخري ، وانا ارهقت من القفز علي الحبال مابين الحب والوهم ، مابين العشق والخديعه ، مابين سكونك في حضني ومابين فرارك من بين ذراعي ، ارهقت ، فقرر افتح باب القفص الذهبي وامنح عصفور النار حريته ، ليحلق في سماءه يحرقها براحته ، قررت افتح باب القفص الذهبي واطلق لروحك عنانها وانسحب تمام من حياتك .... لاحاجه لشكري ولا للامتنان ، عش حياتك انت وانساني ، نعم انساني ، نعم اكررها انساني ان كنت تقوي ، وانا اعدك اني بعدما ارسل ذلك الخطاب سانساك تماما ، لاتصدقني ، جربني وجرب ارادتي الحديديه وقتما تحسم مواقفها ، وقتها لا اانت ولا كل حبك ولا دموعك ستعيدني لحضنك مره ثانيه ، لقد حذرتك طويلا من فراري ، لم تصدقني ،تتصور نفسك التعب الوحيد وصاحب الاراده الوحيده وصاحب قرار الفرار الوحيد ، الحياه ياعزيزي ليست مثلما تراها ، نصيحتي ، لاتنظر طويلا في المرآة المشروخه لانها تفسد ماتراه حتي ملامح وجههك!!"""

مازال واقف علي درجات السلم وقدميه ملتصقين لايقوي علي الحركه ، قدره يحب ويتعذب ، هو يفر من قدره وقدره يطارده ، يحب ويتعذب ، قانون حياته الذي مازال يعيشه حتي الان ، احب جارته الجميله منذ مراهقته ، شاغلها وتمني يتزوجها ، حلم بها ووعدها بالامان في حضنه والطمأنينه والحياة ، اخلف وعده وتزوج غيرها ،  بعدما طلق زوجته قرر يصلح خطأ الايام البعيده ويتقدم لها ، احبها ولم يتزوجها زيجته الاولي وحان وقت تصليح الاخطاء التاريخيه وتجاوزها ، ساتقدم لخطبتها وتزغرد امها مره واحده واخيره من اجلي .... مازال يتذكر علي تلك السلمه بالذات ان جارته الجميله نهرته وحذرته ان يقترب منها او يطرق باب شقتها ، وذكرته انها احبته وانتظرته وانه طعنها في انوثتها وقتما اخبرها ذات يوم ببلادة انه سيتجوز ابنه صديقة امه ولن يتقدم لها وهي التي قالت لامها وكل صديقاتها ان جارها الوسيم سيتقدم لخطبتها ، حاول يشرح له تاثير امه عليه واصرارها علي تزويجه من ابنه صديقتها وهي بنتي وانت ابني ، نهرته اكثر لانه ليس فقط خذلها وتزوج غيرها بعد سنوات مغازلتها الطويله وانتظارها الطويله ،نهرته غاضبه لانها اكتشفت الان ، انه دلدول امه ، ضحك وقرر لايناقشها ، امه ماتت وانتهي الامر وحتي لو كنت دلدولها فقد ماتت وصرت بلا دلدول ، يومها ضحك وضحك وضحك حتي ظنت جارته الجميله انه فقد عقله وجن فمنحها سبب جديد لرفض طلب زواجه بها ، لم يقل لها انه تزوج ابنة صديقة امه لانها جرحته وقتما فتح ابيها باب بيتهم للعرسان الواحد تلو الاخر وهو مازال في بدايه حياته يشغل وظيفه تافهه بمرتب قليل لن تمنحه في بيتهم الزغاريد التي كانوا يستقبلوا بها العرسان ولا الترحاب ولا المنديل الابيض والشيخ مأذون ، لم يقل لها انه احبها وتمناها زوجه لكن امها وابيها طردوه من منزلهم قبلما يدخله ومزقوا قلبه وقتما قابله ابيه علي السلم واخبره بانها خطبت لعريس عظيم وعقبالك و.... عقبالك لما ربنا يكرمك كده ، يومها احس ابيها يخرج له لسانه ويغيظه لانه يعمل براتب لايفتح بيت والعريس ربنا راجل كارمه من زمان كما وصفه الاب ، يومها بارك للاب وهمس ، ربنا يتمم لها بخير ياعمي وقرر انه ليس عمه ولن يكون !!!! لو قص عليها القصه التافهه لنهشت وجه باظافرها ، لانها رفضت تقابل العرسان وتشبثت بحبه واخبرت امها انها تنتظره وانه لمح لها تلميحات واضحه ان سيتقدم قريبا وانها انتظرته عامين وثلاث وفوجئت به يتزوج بابنة صديقه امه ، وانه احرجها ومكن امها تقهرها وتجبرها علي زيجه لاتحبها انتهت في المحاكم ، تتجوزي ورجلك فوق رقبتك علشان تردي له القلم عشره والعريس سيد سيده وضوفره الصغير بعشره زيه ، وتزوجت سيد سيده واكتشفت انه تكرهه اكثر مما تظن وسرعان ماطلقت منه وبسرعه وعادت لمنزل ابيها لتكره جارها اكثر واكثر ، اليوم يأتي يطلبها للزواج ويخبرها انه احبها ولم يحب غيرها وانه صار يقوي علي الزواج منها ، يومها رفضت طلبه واخبرته انه لايصلح للزواج بها لا اليوم ولا في اي اخر ، وعاد يحترق في منزله بصوت الزغاريد التي تستقبل بها امها العرسان وينقم علي امه وصديقتها وابنتها اكثر واكثر ...

""" اشعر معاناتك ، وافهمها ... اشعر معاناتك وانت تعذب نفسك بالبقاء في دائرة الاخري التي لاتشبهك التي يفوح من حضنها رائحه الوحشة ، التي تقبض علي روحك وتزيد اوجاعها وتحاصرها وتعتصرها ، التي تهديك مالاتحبه ، تسمعك مالاترغب في سماعه فتقل لها مالاتحسه وتبتسم في وجهها وانت ترغب في البكاء .. وتجهز كلمات بارده ملونه بالزيف لتقولها لها وحين تنطق تخرج من بين شفتيك الزرقاويتين احرف مبعثرة بلامعاني   """".

مازال واقفا علي درجات السلم ، علي بسطه الدور السادس  ، تعب مرهق ، يتمني لو اكمل نومه ، غاضبا من السيدة التي لايتذكر ملامحها ، اقتحمت فراشه وايقظته بابتسامتها التي يكرهها ، لاتتركه يهنيء حتي بنعاسه ، اقتحمت سباته وايقظته وكأنها تقول لها حان وقت مقابلتنا ، مازال واقف علي السلم بقدمين ملتصقتين بالارض ، يتمني لو اتصلت به واعتذرت عن الميعاد ، تمني لايصل في ميعاده بسبب الزحام فيتصل بها يعتذر لها عن تأخيره ويعدها بتحديد ميعاد اخر ، تمني اشياء كثيرة وتصورها حدثت بالفعل فابتسم بحق هذه المرة وتثاءب واحس بالملمس الخشن لفراشه وتصور نفسه ينام وينام و........انتبه انه يقف علي السلم وانه في طريقه لمقابله الحبيبة ، الحبيبة ، يقصد السيده التي لايحبها وقرر انها حبيبته كانت او ستكون والي الابد ...
يهبط درجتين ثلاث ويقف ، يحاول يتذكر ملامحها ، ملامح السيدة التي يحبها ، ماله لايذكر شكلها ، ماله لايتذكر لون عينيها ولاشكلها ، بيضاء هي ام سمراء ، خمريه ام قمحيه ،بشعر اسود ام بني ، بحجاب او بدونه ، ماله فقد الذاكره ونسي شكل المرأه التي انتقاها حبيبه وقرر يوصل العواطف بينه وبينها ويكمل معها حياته !!! ماله فقد الذاكرة فنسي شكله واسمه وشكلها واسمها ، هي امرأه ، تجيد الطبخ ، ربما ليس مثل امه ، لكنها ستطهو له مايريح رأسه من عناء سؤاله اليومي الكريهه ، حااكل ايه ، هي ستفكر في الاسئله الكريهه وتجد اجاباتها ، هي امرأه ، جسد انثي وثدي و........ وكل الاناث تتشابهه مثلما يتشابه كل الرجال ، ليست امرأه مختلفه ، ومن قال انه يحتاج امرأه مختلفه ، هو يحتاج امرأه وفقط ، امرأه تغسل اطباق الفطار واكواب القهوة وتمسح الارض التي يعبث عليها النمل الصغير وتمنحه جسدها يفرغ فيه ذكورته المكبوته اخر الليل ، هي هذه حبيبته الجديده التي قرر انه يحبها ، يراها بلا ملامح مثل كل الاناث ، طبعا لايقل لها مايحسه ، يكذب عليها كذب مشروع ، احبك وانت الجميله ، يشعر غثيان في فم معدته من كثره الكذب لانه لايراها جميله ،  اساسا لايراها ، لكنها لو عرفت حقيقه مشاعره ماقبلت تحبه وتمنحه جسدها ولاتغسل اطباقه ولا تقتل معه وقت امسياته الرتيبه !!! 

نهاية الجزء الاول .. ويتبع بالجزء الثاني ...

ياله من موت رومانسي !!! .... الجزء الثاني




قالت لي : لم لا تاتي؟
قالت لي : لم لا تبقى؟
قالت لي  : لم لا تضحك؟
قالت لي : لم لا تموت؟
اتيت
بقيت
ضحكت
ومت
ناظم حكمت 


""" اشعر معاناتك ، وافهمها ... اشعر معاناتك وافهمها واغبطك علي شجاعتك التي قوتك لحد قررت فيه بمنتهي الوعي الحياة موتا بين ذراعيها !!!! واكم من انسان شجاع هانت عليه حياته حتي قرر ينتحر ، هانت عليه حياته بعدما اوجعته وبعثرت امانه وحطمت احلامه وقهرته واغلقت في وجهه ابواب الرحمة والامل ، فقرر يستكين للموت ثم قرر يذهب اليه ولا ينتظره ، متصورا ان قراره الشجاع بالانتحار منتهي القوة ، والموت بيدي لابيد الوجع ، تصور واهما ان اجنحه ستنبت له وقتما يلقي بدنه الثقيل من النافذه البعيده ، تصور واهما ان رئتيه سيمتلأ بهواء لاينفذ وقتما يدفن نفسه تحت تلال الرمال الخانقه ، تصور واهما ان حياته ستمتد رغم الدماء السائله المنهمرة من شراينه التي مزقها بسكينه ، تصور واهما ان الرصاصه التي اطلقها وسط راسه لن تبعثر الكتله الواعيه لنثرات مبعثرة ممزوجه بدماء وموت .. تصور ان ذهابه للموت سيحيه ويطيل في عمره بعيدا عن اطلال الوجع التي تأسره تحت حطامها ، تصور ان ذهابه للموت شجاعه يتباهي بها وينتصر بها علي الهزائم التي تطارده وهو بحق لايستحقها !!! """

مازال يهبط السلم ، ودرجاته المتآكله ، في الدور الخامس ركن ظهره علي الحائط واشعل سيجاره وابتسم ، علي هذا السلم صعدت نساء كثيرات لشقته ونزلت نساء اكثر ، شريط سينمائي يمر امام عينيه ، يتذكر ماكان ، ماكان انتهي ، الان هو في اختيار جديد صحيح جميل ، انه يحب السيدة التي لايتذكر ملامحها ، تعثرت الاحرف في خياله لاتكون الكلمات التي يرغب يقولها ، تعثرت الاحرف في خياله لاتكون جمل ومعاني مفهومه ، احس الحيرة ، انت تكذب علي نفسك الان مثلما كذبت علي نساء كثيرات طيله الوقت ، انت لاتحب السيدة التي لاتذكر ملامحها ، غضب من نفسه ، احبها وساتزوجها و"محدش له دعوة" يضحك ، يتشاجر مع الاشباح ، فاحدا لايكترث بما يفعله في نفسه وفي حياته ..
مازال شريط حياته يمر بسرعه امام عينيه ، همس لنفسه ، لن يبكي علي اطلال النساء ووجعهن ، سيعيش ، ويبتسم ويضحك ، ويأكل ويشرب ، ويتحمم ويتعطر ، ويعمل وينام ، سيعيش ، لكن الحياه بلا نساء مستحيله ، وايضا مستحيله بوجودهن ، لايحبهن ولن ، لايعشقن ولن ، لايمنحنهن روحه ولن ، سيتعايش مع وجودهن ، ضروره من ضرورات الحياه ، مثل الاكل والشرب ودخول بيت الراحه والنوم القلق ..
يتذكر النساء اللاتي كذب عليهن كثيرا ، الكذب ضروره من ضرورات حياته ووحدته وذكورته الموجعه ، لايحبهن طبعا لكنه مضطر يخدعهن ، بالاساس يخدع نفسه ، من احبها جرحته ، ابيها جرحه وقتما اخبره بخطبتها لرجل ربنا كارمه ، جرحته هي وابيها فرد لها الصاع صاعين هو وامه وتزوج بابنه صديقة امه فقتل نفسه بنفسه حتي انقذته السيدة التي لم يحبها وفرت من عقمه ، طلقها بناء علي رغبتها وبقي وحيدا في منزل امه التي ماتت ..
سنوات عاشها وحيدا يكذب علي النساء اللاتي يترددن علي المنزل ، يتشاجرن معه لانه وحداني والبيت مزبلة ومالوش حل الا الزواج ، وقتها يكذب عليهن ويعد كل منهن بالزواج لانها الوحيده التي اثبتت له انها تستحقه بحق ، وليله هانئه في فراش دافء وشاي يحتسيه في كوب نظيف وهو مستلقي علي فراشه وسندوتشات لذيذه وقبلة النهار و" شويه تكبيس" وتنتهي الليله وترحل السيدة لتنتظره ليطلبها للزواج فلا يطلبها ابدا ولا يتذكر اسمها ولا حتي شكلها ، داء الكذب علي النساء ، داءه اللعين ، كذب علي زوجته التي لم يحبها وهمس لها بكلمات موحيه بالعشق والحب حتي كشفت كذبه وكرهته لانه لايحبها ولم يحبها وفشل يروي رحمها التواق للامومه بماء خصب فتركته ورحلت ومازال يكذب ، يكذب علي النساء ويكذب علي نفسه ويكذب عليها ، علي السيده التي لايتذكر ملامحها ... ادمن الكذب علي النساء وهو وحيد يحتاج لونس وجسد ناعم واصابع ماهره تغسل الاطباق ، يشاغلهن ، ارامل ومطلقات ، لن يعبث مع انسه يؤرقه ضميره لافساد حياتها بكذبه ، يشاغلهن حتي يسقطن في مصيدة عبثه ، تأتي الواحده منهم للبيت وجلة ، ترتعش خطواتها علي درجات السلم وتطرق جرس بابه بارتباك وتخاف من نظرات الجيران والمتلصيين ، تجلس علي طرف الكنبه مرتبكه ، يرحب بها وكأنه اخيها ، يطئمنها ، يضايفها بشاي رديء او قهوه ماسخه ، تضحك بارتباك وتساله عن مكان المطبخ ، يروعها ماتراه في حوضه من اطباق ، تغسلها بسرعه وهي تعد القهوه المضبوطه ، يشكرها ويقبل يديها ، تطمئن اكثر ، و........... يشرح لها انه تعب من الوحده وانه يتمني يتزوج ويستقر ويكمل نصف دينه بدل حياه السرمحه ، تطمئن اكثر ، و................ قد تبات معه في نفس اليوم او تأتيه في يوم اخر وهي اكثر اطمئنان، تغسل الاطباق وتبدل الملاءة وتحس ان البيت بيتها و................ في الصباح ترحل فينساها وينسي اسمها و............سيدة اخري تطرق جرس الباب باصابع مرتعشه ليفتح لها مبتسما ويكذب ويكذب و.......... ياعطارين دلوني علي الدوا اجيبه منين !!! وقرر ان تلك السيدة التي بلا ملامح هي الدواء لكذبه ووحدته وقرر انها التي يحبها وسيحبها !!! ومازال واقفا علي درجات السلم ملتصقا بالارض لايقوي علي النزول ...

""" اشعر معاناتك وافهمها .. وافهم كيف تداعت الافكار والامنيات في رأسك المتعب وكيف احتلت روحك المرهقه وكيف قررت بمنتهي الشجاعه قصف حيويتك ووأدها لتتخلص من الوجع المنتشر كالسم في اعصابك كهرباء حارقه ...افهم وجعك ...وجع يقهرك ، يحاصر روحك ، يخنق انفاسك ، يحسسك بالضعف والعجز والاستحاله ، وجع يأتيك من ذكرياتك البعيده التي خذلتك وفرت من احلامك ، وتركت لك وحشتها تطاردك ، وجع يقهرك ويتكالب عليك يقصم ظهرك وانت تحاول تشده وتقوم وتستقيم وتتحرك للاجمل ، الوجع لايتركك تعيش اختياراتك ، يقفز بين الكلمات يشوهها ، يقفز بين المشاعر يفسدها ، يتقافز امام عينيك يخيفك يرعبك يهدد امانك الزائف الذي قررت انه راسخ كمثل الارض تحت قدميك ..."""

مازال واقف علي السلم ، علي عتبات الدور الرابع ، يتحرك ببطء وكأن كل درجة من درجات السلم دهر طويل ، ينزل سلمه ويقف يرتاح وانفاسه المتلاحقه المتسارعه تهبط بصدره وتنزل ، من يراه يتصوره شيخ عجوز ولايدرك انه عريس في طريقه ليحدد مع السيدة التي لايتذكر ملامحها ميعاد الزواج ... شريط حياته يجري امام عينيه ، قدره العذاب ، حين تحب تتعذب وحين تعبث تتعذب وحين تبقي وحيدا تتعذب ، العذاب قدره ومن يملك الفكاك من قدره ؟؟ لقطات متلاحقه من شريط حياته تحاصره علي السلم ، يفر من الحبيبة التي قرر انها ابدا لن تكون حبيبه ، هي .... هي احبته قبلما تراه ، شقيقة صديق عمره ، احبته من قصص وحكاوي اخيها عن صديق عمره الوسيم الشقي الذكي العابث ،سمعت طرائفه ونوادره ومصائبه وضحكت حتي دمعت عيناها وبكت حتي تحول بكاءها لضحك هستيري ، صديق اخيها وحبيبه ، لكن اخيها لايلتمس له الاعذار ، طلق مراته وفلتان ، ضحكت وكأنها تقول له انت مثله ، ينهرها اخيها ، لا انا اخرت الجواز لغايه ماالاقي بنت الحلال ولما حالاقيها يبقي خلاص توبه نصوح ، مش اخد بنات الناس وابهدلهم ، صمتت ادبا ، اخيها اخر زواجه حتي فاته القطار ومازال يعبث مع الاخريات بحجه انه يبحث عن عروس ، صمتت ادبا وبقيت تفكر في صديقه الوسيم العابث الذي تزوج وطلق ولم ينجب وافتري في الدنيا وبنات الناس كما يصفه اخيها ، احسته مختلفا عما يوصفه اخيها ، العبث نتيجه للوحده وليس هدف ، لم ينجب اطفالا يؤنسوا وحدته ويهونوا عليه الايام ، لم يجد المرأه التي تحبه بعيوبه وتحتويه وتطئمنه ، احست العباره الاخيره تصفها هي ، نعم ، انها هي التي ستحبك وتطمئنك وتحتويك واوقف عبثك وضياعك واضمك لروحي و........ احست روحه تناديها ، سخرت من جنونها لانها تفكر في رجل لاتعرفه ولايعرفها ، تفكر فيه وتكاد تحبه ، بل احبته فعلا ، احبته من بعيد لبعيد وانتظرت الصدفه التي ستوصل حبها من روحها لروحه ، انتظرت الصدفه وهي تسمع مغامراته يوم نام علي السلم مخمورا ويوم رفضته جارته التي " فرقعها " ويوم احضرت له شقيقته عروسه فجري من المقابله ولم يشرب الشاي غاضبا من "ضبه" ويوم ويوم ويوم ويوم .... تعرفه وكل حواديته وتنتظر الصدفه التي ستجمعهما للابد ... لم يطل انتظارها كثيرا ،  وحين تقابلا في فرح اخيها لاول مره تيقنت من صدق احساسها ، نظرت له نظرات فهمها وبسرعه ، راقصهافي الفرح فادرك ان جسدها المنصهر بين ذراعيه هو الجسد الذي عاش يبحث عنه ، صوت ضحكتها روي ارضه القاحله بماء الحياه ، نعم هي تلك الجميله التي ساتزوجها واكمل معها بقيه ايامي ، ليه مااتجوزتيش ، سالها ، همست ، كنت مستنياك ، ارتبك !!! من هي السيدة التي تفلح تربكه وهو الصايع الخبير في امور النساء والكذب عليهن ، ارتبك من اجابتها فضحكت ، تمالك نفسه بسرعه ، انت ماتعرفنيش علشان تستنيني ، تصور انه احرجها ، مش مهم اعرفك لكن كنت برضه مستنياك ، كنت عارفه انك موجود وقلت لما اعرفك حنتجوز !!! يالها من جراءه رهيبه لم يعتاد عليها ، لولا انها شقيقة صديق عمره لرد عليها ردود تحرجها وتجرحها ، لكنه لن يفعل كرامه لصديق عمره ، حنتجوز ؟؟ كرر كلمتها ساخرا ، احس وكأنها تخطبه ، وكانها الرجل وكأنه الانثي مهيضه الجناح ؟؟ انشغل عنها في الفرح باصدقاءه والعريس والرقص والنكات الابيحه لكن عينيها تراقباه ، يشعر بنظراتها تخترق راسه وتضي في عقله بوهج لم يعتاد عليه ، جلس علي المائده وهي يبتعد ببصره عنها ، اختفت من مكانها وظهرت امامه تطالبه يراقصها ، لحسن حاشتيكيك لاخويا ، ارتبك ، مقدرش علي اخوكي وزعله ، راقصها مرتبكا متلعثم الخطوات ، انت عندك كام سنه ، سؤال يفتح به حوار لايجده ، 32 سنه وانت ، ضحك انا زي اخوكي ، طيب الفرق كويس ، وانفجرت في الضحك ، يزداد ارتباكه ، همست وهي تلقي بذراعها حول رقبته ، علي فكره انا باتكلم جد ، انا فعلا بحبك ، ضحك مقهقها وهو يتمني الارض تنشق وتبلعه ، انت مجنونه ، اه ليه ؟؟؟ و.......... انتهي الفرح وحفلته وليلته وبقيت هي تشاغل رأسه وافكاره ، اصغر منه بعشره سنوات ، جميله صبية انسه ترغب في الزواج والانجاب والاطفال ، هو اكبر منها وعاقر لن يفلح يخصب رحمها باولاد حبه ولن يحقق امومتها ، سيتزوجها وسرعان ماستمل منه وتتركه مثلما فعلت زوجته الاولي ، بقي الليل ساهرا يفكر فيها ، في الصباح نام مغشيا عليه بعدما قرر ان ينساها تماما ولا يفكر فيها ، لن يقوي علي العبث بها ومعها لانها شقيقه صديقه يعني اخته ، ولن يقوي يتزوجها لانه لن يمنحها ابدا ماتتمناه ، النسيان هو الحل ، هذه اخر عباره يتذكرها دارت في راسه ودارت قبلما ينام !!!  

""" افهم وجعك ...وجع يقهرك ، تحاول الفرار منه بكل الطرق ، تراوغه لايتركك ، تنساه يذكرك بالمه ، تتجاهله يفرض نفسه عليك ، تفر منه يحاصرك ، تستسلم له وتقرر تواجهه بقسوه والم اكثر مما يعطيه لك واوجع مما يفرض عليك ...سأفر من كل مااعيشه واحلق عصفورا حرا في السماء ، وتقف تتأرجح علي حافه النافذه تنظر للسماء البراح وتتمني تقطعها ذهابا وايابا بمنتهي الانطلاق ، تكتب حياه جديده لحياتك وتخلع القديمه الرديئه الموجعه التي تلبستك .. ساحلق عصفورا حرا في السماء ، لكن الاجنحه لاتنبت مكان الذراعين والاذرعه ثقيله والجسد كله ، لو قفزت ستهبط محطما مائه جرح ، تتأمل الارض البعيده وتسال نفسك مالذي ساخسره ، حتي لو هبطت ميت او مت وانا احلق حرا لثانيه في الفضاء البراح ، مالذي ساخسره ، تتحدي وجعك وتقرر بحسم واهم ، ستنبت لي اجنحه اثنين ثلاث خمسه عشره ، سيحملوني بعيدا عن الارتطام صوب قرص الشمس ، سيحملوني عاليا صوب السحب الورديه ، سيحملوني فوق الاوجاع الراكده كالعطن الاخضر ، تتحدي نفسك وعقلك وتقرر بحسم جنوني انك حين ستقفز من النافذه ستنبت لك الاجنحه وستحملك بعيدا عن الارض وتحلق بك عاليا و................... تقفز ، فلاتنبت الاجنحه ولا تحلق عاليا ، وترتطم بالارض محطما مائه جرح وجرح ، تسقط في حضنها الذي تكرهه ، تفتح عينيك المتعبتين لتجد عينيها مبتسمتين وكأن وجعك يسعدها وموتك يسعدها مادمت ستدفن في حضنها!!!!"""

مازال واقفا علي السلم ، انفاسه متلاحقة وقلبه تتلاحق ضرباته علي عتبات الدور الثالث ، ساله البواب ، فيه حاجه ياباشا ، نهره ، لا ، شرح له الاسانسير شغال ياباشا ، لم يرد عليه ، يعرف لكنه قرر اليوم بالذات ان ينزل التسعه ادوار علي قدميه ، يحتاج يهبط ببطء لمصيره الذي اختاره فرارا من قدره ، افر من العذاب ووجعه ، هكذا يتصور، لكنه يجري صوب قدره ليحكمه ويتحكم فيه ، يجري صوب العذاب باختياره وكامل وعيه وارادته الحرة ، مازال يهبط السلم ويفكر ، في السيدة التي لايتذكر ملامحها ، جارته رفضت تتزوجه وزوجته طلبت الطلاق وحبيبته لايقوي علي حبها ، هرم بجوار صباها ، عقيم و الخصبه العفية ، اوجعته الحياه وشوهته وهي مثل القرنفله الحمراء لاتستحق منه عذاب ولا وجع ، قدره العذاب وحظها السعاده وكمثل طرفي المقص ، يقتربا ويبتعدا ، يبتعدا ويقتربا ، والسنين تمر ويقترب من الخمسين وهي تقترب من الاربعين ولن يفسد حياتها معه !!! سينساها ويحب السيدة التي لايتذكر ملامحها ، هي حبيبته ، هكذا قرر ، وهكذا اعلن ، هي حبيبته ، فر من نفسه ومن كل من يعرفه ، سيكذب علي من يعرفه وعلي نفسه ، وحين يختلي بنفسه بعد عناء مقابلتها والضحك علي نكاتها السخيفه والتحديق في عينيها الذين لايذكر شكلهما معجبا متيما ، بعد كل هذا العناء ، يتحمم ويبكي لانه يكذب علي نفسه ولانه لايحبها ولن يحبها ولانه يتوق لحبيبته التي تستعصي علي احلامه ، يبكي لانه مجبر يعرف اي امرأه لاتناسبه ويكذب عليها ، مجبر يهرب ممن يحبها ويكذب عليها ويقسم لها برحمه امه انها لاتثيره كرجل ولا تحرك رجولته وانه يراها بشنب مثل اخيه وان انوثتها لاتهمه ، نعم يقل لها كل هذا واكثر ، يكسر قلبها عامدا متعمدا ، عليها تبعد عنه ، عليها هي التي تبتعد ، عليه يكسر قلبها ، يحطم كبريائها ، يكذب عليها ويقاوحها حتي تصدق كذبه ، وحين تتركه باكيه ، ينفجر في البكاء اكثر منها ، احبك ولااقوي علي هذا الحب ، لا ، لااحبك اساسا ، بل احبك كامي واختي ، احبك كابنتي ، لكني احبها هي كانثي ، نعم ذلك القد الرفيع يثيرني ، نعم تلك الاكتاف العريضه كمثل الملاكمين تثيرني ، نعم تلك الاسنان المعووجه تثيرني ، نعم تلك العيون الضيقه التي تتوراي تحت جفون عريضه تثيرني ، مالك لاتصدقيني ، تتصوريني احب نساء اجمل ، لكن الاجمل لم يمنحوني الا الشقاء ، مالك لاتصدقيني ، تتصوريني يستحيل اعجب بمثل تلك السيده ومثل ذلك الجسد ، حتي لو ، من قال ان الاعجاب مطلوب للحياه ، الاعجاب لمن يستحق الاعجاب ، لكن بعض النسوه لايستحقن الاعجاب لكنهن يصلحن لغسيل اطباق الفطار واكواب القهوه والامتطاء اخر الليل حتي لو باردات مثل المراتب القطن ، حتي لو ، لااكترث!! 
هي حبيبتي ، وانا في طريقي لاقابلها ، سابتسم فور اراها ، سامد كفي صوبها وكاني مشتاق لها ، ساالتصق بجسدها المقدد وكأنها اشتهيها ، ساخدعها بحق ، وستصدقني ، لانها محدوده العقل والذكاء ، طبعا ، هذا من اهم الاشياء التي اخترتها بسببها  ، محدوده العقل والذكاء ، لو عقلها يسطع ووجدانها حي وروحها يقظه ، ماصدقتني ، لاكتشفت كذبي ، ستصدقني لانها محدوده العقل والذكاء ، ستصدقني وتبتسم اكثر واكثر ، ابتسامتها المخيفه التي ترجف اوصالي ، ليتها تكف عن الابتسام ، ليتها تخفي عني اسنانها المعووجه ، ليتها تغلق شفتيها الرفعتين ، ليتها لاتصدقني وتجري ، ساتنفس الصعداء وقتها لانها التي هربت ، لكني لو تركتها ساثبت لنفسي ان اسير حب تلك السيده التي قررت اني لااحبها ، لو هربت من حبيبتي لصدقت اني اسير حبيبتي ، لن افعل هذا في نفسي ، هي ستصدقني وانا ساحبها وسنتزوج وتغسل اطباق الفطار وتمنحني مبرر عاطفي لحمام الصباح البارد !!! 

""" افهم وجعك واقدره ..وافهم محاولاتك للفرار من الوجع ومن الحياه ، ترسم ابتسامه كاذبه علي وجهك ، وتفتح شفتيك تأوها وكأنك تضحك وتلقي بدنك المتعب فوق الارض بخطوات متعثره وتقرر انك تعرف طريقك وانك اختره وانك حر لتعيشه وانك لن تخسر شيئا وانك لن تحمل الهرم فوق كتفيك المتهدلين لتنتصر مادامت الانتصارات الصغيره ممكنه وانت تحمل ذره رمل تافهه في الجيب الخلفي لبنطالك ، لن تحمل الهرم لان شيئا في الحياه لايستحق تلك المعاناه ، ويكفيك ذره الرمل التافهه انتصارا ، هكذا تقول لنفسك وتخدعها وترضي نفسك وترضي ، وتقهر روحك المتمرده املا في الخلود ، وتقنع بالاستسلام للموت بديلا للحياة التي تتمناها لكنك مرهق لن تخطو في طريقها الطويل خطوه مادامت البدائل متاحه وممكنه وسهله ولاتحتاج منك اكثر من انفاسا متعاقبه تخرج بشهقيها وزفيرها هواء راكد يميت ولايحيي ، متعب انت ومرهق ، استكنت لما هو ممكن منذ زمن بعيد ، اليوم ستتمرد وتبدأ الطريق من اوله وتبذل مجهود كبير ولاتضمن النتائج ، لماذا تفعل ؟؟ والحياه بها سبل اسهل من الدروب الشائكه واريح من الاختيارات المرهقه ، الحياه بها سبل اسهل ، ربما لاترضيك ، لكنها ممكنه وذره الرمال ممكنه ومتاحه والهرم ثقيل والطريق اليه طويل والجهد كثير والانفاس مقطوعه من كثره الدخان الازرق والذهن شارد من اثر النعاس العميق الذي تهرب فيه واليه من اليقظه الموجعه !!! """"

مازال واقفا علي السلم ، فقط دور واحد متبقي له ليصل للشارع ، حياته تجري امام عينيه ، لقطات ولقطات ، بعضها ضاحك وبعضها باكي وكثيرها عابث مجرم ، وسط كل تلك اللقطات ، يسطع وجهها قمرا ، بدرا ضحوكا ، هي قطرات الندي التي ستروي عطشي للحنان ، هي دفء الشمس التي ستذيب بروده روحي وصقيع ايامي ، هي امي التي لن تنهرني وابنتي التي لم افلح انجبها وحبيبه القلب التي انتقاها لي الكريم العادل ومنحني قلبها هبة ، هي الروح وبقية الروح ووصالها ، هي نجم يومض بالبهجه في ليالي الوحشه التي اقضيها ساهرا ابكي ، وونس الاحلام الحميمة التي لاارغب اصحو من جمالها ، هي التي تمنيت اقابلها في اول حياتي واقضي بقيتها معها بجوارها ، حضنها الدافيء وسادة طمأنيتي التي تمنيت اغفو غارقا في حنانها ، هي الانثي التي فطنت للرجل المعذب الذي يقتلني بهمه كل يوم ، هي الاراده التي ستغير القدر وعذاباته وترحمني من وجعه بقيه الايام التي ساعيشها ، هي وهي وهي وهي .... هي المرأة الانثي التي قررت افر منها وابعد واهجرها واجرحها .... العذاب قدري والحب لا ، لن انتظر التي احبها وتحبني وتناسبني واناسبها ونتكامل ونتواصل ، لن انتظر فالانتظار وجع والحياه لابد تعاش فرارا من الوجع !!! مازال علي السلم ، ملتصق القدمين فوق الدرجات المتأكلة ، مازال مشلول ، ابتسم ، اعجبته الفكره ، ليتني اشل ، وقتها ستأتيني حبيبتي تشفق علي ، تشعر عجزي الذي اخفيه ، تتعاطف معي ، وستفر مني تلك السيده التي لااتذكر ملامحها ، ستفر لاني لن البي احتياجات جسدها ولن اجاملها وهي تضحك واخبرها وانا اشعر بالغثيان ان ابتسامتها جميله وشفتيها ايضا ، ليتي اشل ، وقتها لن يلومني احد لاني لن احمل الهرم ، وكيف لمشلول يحمل الهرم ويبحث عن الخلود ، وقتها سيعتبروا ان ذره الرمال التي احملها مجهود عظيم يشكروني عليه ، ليتني اشل !!!! وكأنه سمع صوت امه يصرخ فيه ، برضه حتروح المدرسه !!! فتحرك خطوات بطيئه بطيئه صوب الدرجه الادني وهو يحاول يتذكر ملامح السيدة التي لايتذكر ملامحها !!!

""" افهم وجعك ...تمسك مسدسك وتعمره بالرصاصه الاخيره المتبقيه في جيبك من ايام المعارك التي كانت تستحق خوضها ، تقرر تدفس المسدس في فمك وتدوس الزناد ، تتصور عقلك يتبعثر فتضحك ، اخيرا ستستريح من كثرة الافكار وهمها ، تتصور راسك سيتحطم فتبتسم ، اخيرا ذلك العنيد المقاوح المشاكس ستفرض عليه الراحه الاجباريه والصمت والسكون ، تتابع الرصاصه وهي تخرج من الماسورة الصدأه بعدما تتأخر قليلا بفعل الصدأ والرهبه ، تراها تندفع بقوه صوب عقلك فتصفق فرحا طربا لانها مثلك حمقاء مندفعه مثلك هوجاء عنيفة ، تراها تندفع بقوه صوب عقلك المتعب بخيالاته المرهق بافكاره المثقل بهمومه ، تري عقلك يتمزق بضربتها القوية فتضحك فرحا ، اخيرا ، اخيرا ستتخلص من همك ووجعك وعذاباتك .... !!! """

مازال واقفا مكانه ، علي السلم ، ملتصق القدمين .. فقط ثلاث درجات توصله للشارع ، ينتظر السائق يأتي بسيارته ليذهب لحبيبته ، ثلاث درجات تفصله فقط عن حبيبته التي لايذكر ملامحها ، وقتما يلقي بدنه المتعب علي كنبه السيارة  ويغلق عينيه بعدما يخبر السائق بالعنوان ، سينام قليلا ، المشوار طويل ، سينام قليلا ، ربما يستريح عقله وبدنه فيتذكر ملامحها ، يسخر من نفسه ، نام كثيرا ولم يتذكر ملامحها ، يدخل للمقهي وهو لايذكر ملامحها ، وحين تقترب من المنضده التي يجلس عليها ، يفتح حدقتيه اندهاشا ، هل تلك السيده التي تقترب منه ، تلك السيده الغريبه هي التي حضر ليقابلها ، نعم ، هي ، تتسع ابتسامتها اكثر واكثر ، وتقترب اكثر واكثر ، تمد يديها صوبه ليسلم عليها ، هنا يتاكد انها هي حبيبته التي سيتعين عليها بثها حبه واشعارها بالفرحه وسعادته للقاءها ، ياله من ثمن غالي يدفعه لتغسل اطباق الفطار!!!!

""" افهم وجعك ...  تري الرصاصه تخترق راسك وقلبك وتسكن في قلبها ، تبتسم وتكذب علي نفسك وتطلب ودها وحبها ، تتصورك عاشقا وانت ميت تترنح علي قدمي الاختياارت الحمقاء ، تصدقك وتفتح حضنها ، تحدق فيها وفي حضنها وتبتسم راضيا ، اخيرا وجدت مقبره تتسع لحمقك !!! و.............. تتمني تطلق الرصاصه وتموت ، لتستريح وحين تطلق الرصاصه تقهقه هي من الفرحه لانك اخيرا حبيبها الغائب عدت لصحراءها لتزرعها شموسا لاتري الثعابين في عبك جاهزه لتسرح في الارض البور وتعقرها وتعقرك !!! ياله من موت رومانسي !!! """

ومازال واقفا علي السلم والشارع يبعد عنه بضعه خطوات  .... لم يتحرك خطوه واحدة ولا نصف خطوه صوب السيدة التي لايتذكر ملامحها ، ويفكر وفقط في حبيبته التي كانت في تلك اللحظه قد انهت خطابها وقررت تهجره ، مازال واقفا علي السلم و............ لم يتحرك ....

"" ياله من موت رومانسي !!!  قرأت العبارة الاخيره مره واثنين ، وابتسمت ابتسامه واسعه .... طوت الخطاب وادخلته الظرف وكتبت اسمه عليه بخط منمق جميل ، وطوته في درج مكتبها فوق عشرات الخطابات التي لم ترسلها له بعد !!!! ياله من موت رومانسي!!!!!

 ومازال واقفا علي السلم .... وتحرك صوب الشارع و.... تحرك !!!!ا


نهاية الجزء الثاني والحدوتة ...

السبت، 6 أكتوبر 2012

منتهي الحياة



خطوات انيقة رشيقة تتبعثر تنتشي تتراقص فوق درجات السلم الموسيقي ...  في ليلة طيبة كالابتسامات الهانئة ، وسط ضوء خافت يزين ظلامه افرع ملونه صغيرة تومضي وتسطع وتنغلق وتضيء ، يتداخل ضوءها الافل البسيط والنغمات الحانية الصاخبة السعيدة المنبعثة فرحا من اصابع التناقض الجميل البيضاء السوداء للبيانو الاثري العريق الذي يموء حنانا وقتما تهدهده وينتفض غضبا وقتما تطرق علي وجهه اصابع العازف الماهر واطراف اعصابه وموهبته وابداعه الجميل فتصدح الموسيقي وترسم بموجات اثيرها خلفية للمشهد والصورة الذين ترسمهما الخطوات الانيقة الرشيقه فوق وجه لحظه خاصه من الليل قرر سكانها يقتنصوا لحظات من الفرحه مسروقه من زمن موحش هواءه ثقيل قبض علي ارواحهم التي تمردت فرقصت ففرحت فكانت اللحظة الخاصه جدا .. التي اقص عليكم حكايتها !!!! 

ساحة خشبية تأكل سطحها تحت صخب الاقدام المحبة للحياة وبيانو اثري ينثر الفرحه عبقا مبهجا في ارواح جمهوره و اناس تركوا الهم خلفهم وقرروا يسرقوا من الايام لحظات فرحة مستعصيه وموسيقي تطغي علي الارواح المتعبة فتصالحها علي الهم وتهونه عليها و............ راقص اشيب خلع من علي اكتافه كل التاريخ والجغرافيا والذكريات الموحشة وعاد صبيا يرتدي ملابس ملونه وكأنه علي شاطيء البحر يلهو برذاذ الموج البارد المتطاير وذرات الرمال والنسيم العفي ووجه المتألق فرحا ... علي الساحة الخشبية خلع الراقص الاشيب سنوات عمره بهمومها وارتدي شبابا متمرد وقرر بقدميه يرسم علي ملامح اللحظة تفاصيل لحظته الخاصه المتراقصه علي نغمات التناقض المرح فكانت تلك اللوحة ..

اصفه لكم ، لااراه فكيف اصفه ؟؟  اري فقط قدميه المرحين يشعا فرحة تزيد من دفء الساحه الخشبية ، لااراه لكني احسه ، وانا علي مقعد بعيد اراقب الساحه الخشبية احسه ، استقبل رسائله المبعثرة في الاثير الفارغ لمن يملك القدره علي التلقي والتفسير ، احسه قرر يتحرر بمنتهي الصرامة من كل قيود اللحظة الصعبة ويلقيها خارج الساحة بكل اوجاعها وافكارها القاسية وتخوفاته ، المح علي وجهه ابتسامه تنبعث من روح مقاومه مصممة علي اقتناص لحظة فرح فاره علي درجات السلم الموسيقي فلم يكن امامه الا ملاحقتها ومطاردتها متبعثرا ببهجه فوق درجات السلم الموسيقي في تلك الليلة الخاصه جدا !!!

راقص اشيب بروح متمرده بملابس ملونه مزركشة علي بحر بعيد صاخب فوق ساحة خشبية عتيقة يقص حكايه لنفسه يعرفها جيدا ويرسل رسائل مطلسمه بالمكر لايثق ان احد سيستقبلها ويتبعثر صعودا وهبوطا فوق السلم الموسيقي ودرجاته الراقصه وكأنه يرقص وفقط ، يرقص ويبوح وهو لايمسك قلما ليكتب ولا ريشه ليرسم ولا كلمات ليحكي ويتكلم ، يعبر عن نفسه وذاته وروحه وكل احاسيسه وتمرده وغضبه وفرحته المراوغه بقدميه وخطواته الانيقة الرشيقة تتبعثر وتبتسم وتغني وترقص وتحلق للسماء وتختبيء وسط السحب في النهاريات الدافئة وتهبط برقه وانقضاض فوق موجيات البحر في الليالي القمرية ، كل هذا يحدث باطراف الاصابع المتوارية في حذاء انيق ينزلق برشاقة فوق الساحه الخشبية بايقاع خاص علي نغمات الموسيقي الصاخبة يصاحبها ويفر منها ولها ويحكي ويقول فتزيد وتعيد فيقول ويبوح فتتألق وتفيض فتتكامل اللحظه بكل احاسيسها خليط من نقرات قدميه الرشيقتين علي الساحه الخشبيه ملتحفا بالموسيقي ومتزينا بالبهجة والود .. 

انه لايرقص !!! 
انه يقص علي نغمات الموسيقي حدوته يرسم تفاصيلها باطراف اصابعه وكعبه ورشاقة قدميه المتنقافزتين فوق درجات السلم الموسيقي ابتداء من مفتاح صول وحتي بير السلم ، يقص حدوته عاشها وصمت عن البوح بيها فتأتي الموسيقي لتوخزه بسعادتها فيقفز فوق الساحه الخشبيه مبتسما وسط الليل كالقمر المكافح بين السحب السوداء يرسم بقدميه تفاصيل الحدوته التي تصور انه لن يبوح بها ابدا !!! 

لااعرفه ولاانتم ، ولن نعرفه ..
لكن اللوحه التي رسمها بقدميه وقفزات ساقيه واطراف اصابعه ودقات كعبه قصت عنه مايكفينا لنتفاعل مع اللحظه مايناسبها من تفاعل سعيد وفقط !!!
انها ليست حكايه شخص ، بل حكايه لحظة !!!
راقص اشيب ، دلف من ابواب البهجه فرارا من كل الهم علي ساحه كبيرة يزينها سلم موسيقي يصعد به للسماء فقرر يعتليه ويجري صوب السماء عله يجد هناك مالم يجده علي الارض الراسخه ، احيانا لاتحتاج للثبات بل تتوق للتحليق بعيدا عن الجاذبيه الارضيه لتري نفسك والحياه بعيدا عن التفاصيل الموحشه الكثيرة ، وهو فعل ، اعتلي السلم الموسيقي صوب السماء ، اعتلاه صعودا وهبوطا ، قفزا رشيقا بين الدرجات والنغمات ، خطوات سريعه بطيئه ، دوائر دوائر تلف به وبنا وبالزمن للحاله التي تحتله فيحتلها ويستسلم لمرحها ويقفز ويهبط ويعلو وينزل و.......ترتسم الابتسامه رغما عن همومه علي وجهه الصحو وهو يرقص ويرقص ويتحرر اكثر واكثر ، هو والموسيقي والحاله التي تنبعث من روحه لارواحنا لايكترث بشيء ولايحمل هم فيندمج واللحظه ويذوب فيها ومعها و...........تتقافز خطواته الرشيقه بين درجات السلم الموسيقي وعليها فينسعد اكثر واكثر ويندمج اكثر واكثر و.......... مازالت الرسائل تتلاحق لمن يستقبل ومن يفهم علي نغمات الموسيقي !!!

كالصلاة في معابد بوذا الساكنه وسط الغابات البعيده ورائحه البخور تتمد في الفضاء تسكنه بتقواها ونقيق الضفادع يهمس خشوعا مع حفيف نبات البامبو واوراقه الكثيرة وتراتيل الصلاوات تتلاحق علي الالسنة والافئدة بطلب السعادة ، كمثل تلك اللحظه في خشوعها وكمثل الاجساد الباحثه عن الارتواء في الاحضان الدافئة بين غابات المشاعر المتصاعدة كقرص الشمس الذهبي من رحم ليل طويل وفي صراع حميم مآله السعادة في النهايه وبالضرورة ، كانت خطواته الرشيقه الانيقه فوق الساحه الخشبية ، لاين ايتها الدرجات الراقصه تأخذيني معك ، تصعدي بي للسماء وتعودي للارض ، تصاحبيني في رحله الحب والسعاده للاعلي والاغلي ثم ترطميني علي صخرات الواقع والوحشة ، تمنحيني الفرحه والونس وسرعان ماتبعثريني بين تلال الهم والخوف والفزع ، اتبعثر علي سلمك صعودا وهبوطا متناغما والفرحه التي تبديها وتعدي بها المقاومين والمتشبثين بالحياة والفرحة ، لاين تصاحبيني ولاي طريق تأخذيني علي نغماته الحنونه تاره المجنونه الف تارة ، الحانية تاره الموحشه الف تاره ، الفرحه تاره الحزينه الف تاره ، الجميله دوما دوما ؟؟

لاتسالني عنه ولا ماهيته ، خطواته الرشيقه الانيقه علي اطراف اصابعه تفصح عن انتماء للحضارة وكل روافدها ، يفهم معني النغمات ويدرك معانيها الخفيه ، فيتوحد مع الدو وينزلق مع السي ويمرح مع المي ويبكي مع الصول ويضحك مع الفا ويدور ويدور مع اللا ، يعرف في النغمات وماهيتها ومعناها ودلالاتها ، تبكيه الاصوات وتضحكه وتسرقه النغمات وتخطفه السوناتا والسيفونية والمعزوفه الجميله ، لايستمع للموسيقي استماع الصم بل يدركها بروحه كادراك المتقين للخشوع والطاعه والتسليم ، يتأثر بنغماتها وعيا ولا يتراقص علي نغماتها غيبوبه وفرار !!! انه ينتمي للحضارة التي عبرت عن مجدها بالموسيقي فبقيت حيه في موسيقاها ووجدان مستمعيها اجيال واجيال واجيال ...

لاتسالني عنه ولا ماهيته ، ايقاع خطواته علي الارض الخشبيه المتقافزه فوق درجات السلم الموسيقي ، الايقاع الصاخب السعيد المنفلت يوحي بعفويه وتلقائيه هو ابعد مايكون عنها ، نعم يسمع الموسيقي بقلبه لكن خطواته منضبطه رشيقه يتحركها بوعي مقصود بارع وكأنه لايقصد الا السعاده ، لكن السعاده تأتيه من نظام صارم لخطوات راقصه رشيقه وكأنها تمرد علي النظام ، خطوات محسوبه من صمموها جدلوا نظامها الصارم بفرحة عشوائيه عبثيه وكأنهم لايقصدوا نظام فيأتي العبث والانطلاق والحيويه منتهي النظام ومنتهي الانضباط لقواعدهم الصارمة للحظات مرحله تبدو وكأنها منتهي الانطلاق وتكسير الاطر ، هو يكسر الاطر المقيده لاسر روحه بخطواته المنضبطه الصارمه ويشعر معني ايقاعها وقيمه انضباطها وتحليقه فوق نغمات الموسيقي للبهجة ، يجري ويتقافز علي درجات السلم الموسيقي بخطوات محسوبه منضبطه خاضعه للقواعد بروح متمرده علي كل القواعد فيأتي انطلاقه وكأنه فطري لكن السعاده التي تشع من روحه فطريه عميقه تفصح عن فهم لمعني النظام الصارم وقتما تفهمه فتحبه وقتما تقتنع به فتخضع لصرامته بمنتهي الطاعه المحبة لخضوعها للنظام الذي تأتي صرامته باجمل اثارها وهي السعاده الحقه والتحليق الحر في سماء رحبه!!!

لاتسالني عنه ولا ماهيته ، فحذاءه المريح البسيط يفصح عن اختياراته الاصيلة  في الحياة التي يحب عيشها ، الراحه والفاعلية ، لايكترث بالمناظر ولا تقييم الاخرين لمايراه صحيح ومريح ولما ينتقيه بحرية  من بين كل الاختيارات ، حذاءه المريح البسيطه يمنح قدميه حرية تتيح لهما الانطلاق كمايرغبا دون اثقال ولا احمال ولا تضييق ولا خنقة ، حذاءه المريح البسيط يفصح عن اختيارات في الحياة تعني له الكثير ، ليس مهما كيف تروني بل المهم كيف اري نفسي وكيف ارضي عنها اما رضائكم لايعنيني ولايسعدني ، المهم راحتي وحريتي !!! حذاءه الانيق البسيط يفصح عن انتماء اصيل لمن لاتبهرهم المظاهر فيروا الجوهر قبل الشكل ويكترثوا بالمضمون عن الزخارف التي لاتخدعهم فلايختبئوا خلفها لخديعه الاخرين ، الجوهر هو المهم والجوهر يرتبط وثيقا بالهدف والهدف يأتي من اراده حرة دفعت ثمن باهظ لحريتها من ظلم الاخرين لحقيقتها وقيمتها ومعناها ...

لاتسالني عنه ولا عن ماهيته ، بل اسالوني عن اللحظه التي قرر فيها ذلك الشاب الاشيب اقتناص السعاده والاستغراق في وهجها وفرحها وحيويتها !!!
خطوات رشيقه انيقه ، تتقافز علي درجات السلم الموسيقي ، تتقافز بسلاسة وتلقائيه ومنتهي التمرد والاصرار ، سلم تصعده الخطوات علي اطرافها حتي اخر درجاته وتعود  وتهبط لاخره علي كعبها وتلف وتدور بمنتهي الرشاقة ترسم دوائر تاخذك لمنتصفها وتدور بك وتدور ، فتحس وكأن دوار خدرا يستولي علي روحك ينقيها ببهجته من كل مايسممها ، خطوات تصعد درجات السلم الموسيقي للسماء وتهبط ثانيه لاول درجاته في تناغم جميل بين الصعود والهبوط بايقاع خاصه جدا وكأنها  تحلق كالفراشة فوق وريقات الزهور ، تحط عليها تنشر السعاده وتحلق بسرعة لتحط ثانيه وتعود تحلق ... كأنها تحط كالعصفور الصغير فوق قمة الاشجار تختبيء بين الوريقات والبراعم الخضراء ،تحط وتضرب بجناحيها في الهواء وتعود لتغادر العش وتحلق بحرية فوق كل الاشجار ، الخطوات الرشيقة تتراقص وتتبعثر وتتهدهد وتنتفض تتداخل الاصوات مع نغمات الموسيقي فيزداد الصخب والبهجة ...ترسم الخطوات المتبعثرة تمردا فوق درجات السلم الموسيقي ، ترسم لوحتها الخاصه ، وترسل الروح رسائل في الاثير تبوح بكل وجعها وهي لاتقصد وتكشف كل امنياتها وهي لاترغب وتتواصل مع الصامتين تحيي في ارواحهم مايقتلوه كل لحظه ببلادتهم الفطرية !!!

الخطوات الانيقة الرشيقة المرحة تتحرك علي الساحه الخشبية ، خطوة اثنين خطوه اثنين علي اطراف اصابعها ، وكأن الاصابع الخمس المختبئه داخل الحذاء المريح تتراقص كل مع ذاتها وجميعا معا وتتراقص مع الجسد المترنح وعيا بين الخطوات المتلاحقة ، خطوه خطوه خطوة ، دائرة ، خطوة خطوة خطوة ، نصف دائرة ، تقدم خطوتين ثلاث للامام ، تقهقر خطوتين ثلاث للخلف ، علي اطراف الاصابع تبدأ الحكاية ، وقبلما تفصح الحكايه عن تفاصيلها ، تتواري الاصابع واطرافها وتفسح المجال للكعاب الواثقه من دقاتها ومعانيها ، فيترنح الراقص الاشيب في مشاجره محببه بين اطراف اصابعه وكعيبه ، كل يحاول يتقنص النغمات لنفسه ويرسم بوجوده بعض نثرات السعاده التي تتكامل مع الموسيقي لترسم وتقول وتبوح وتعترف وتنكر وتهرب و........ دائرة ، نصف دائرة ، خطوتين للامام ، خطوة للخلف وانزلاق بسيط وترنح هين وابتسامه تشرق اكثر واكثر ، الروح تشعر بالحرية فتتماهي بانطلاقها والحرية تتجادل والروح تطمئنها !!! ومازالت الخطوات الرشيقة تهرع وتجري وتصعد وتهبط وتتقافز بين الصول والدو ، والمي والفا ، والري والسي ويجري العازف الماهر علي كل نغمات السلم الموسيقي بطرف اصبعه فيفتح نافذه للتحليق تسمح للارواح المبتهجه بالانطلاق الحر المرح الفرح بمنتهي الصبيانيه والرزانه والبهجة ...

لاتسالني عنه ولاعن ماهيته ... اسالني كيف يعامل شريكته فوق الساحه الخشبية وكيف يتعامل معها ، هي شريكته لن يرقص بدونها ، يعرف هذا ويعي معناه ، يحتاجها لتكتمل سعادته وتتكامل ، لكنه يقودها وحركاتها وخطواتها بمنتهي الثقه والانسيابية فوق الساحه الخشبيه وعلي درجات السلم الموسيقي ، يصاحبها في رحله البهجه ويقودها صوبها بمنتهي الصرامه والطيبة ، باطراف انامله يجذبها صوبه وباطراف انامله يلقيها بعيده ، يقترب بساقيه من جسدها خطوه اثنين وبسرعه يبتعد عنها ويبعده عنها خطوة اثنين ، يحتاجها ليراقصها وتتكامل لحظته لكنه يقودها في طريقه فرحته بطريقته ، الرقص ليس عبثا ولا عشوائية ولا خطوات مرحه بلامعني ولا تقافز فارغ علي النغمات ، الرقص صلاة في محراب الجمال ، صلاة لها قواعدها وطقوسها ، ادركيني سيدتي ، حسي بما ينبعث من روحي لروحك ومن همس الموسيقي لهمسي ، غيبي مع الموسيقي سلميها وجدانك واحاسيسك ، اغرقي فيها وحسيها ، يسحبها باطراف انامله صوبه ويلقيها بعيدا ، يقفز فتقفز ، يقترب فتبعد ، يبتعد فتقترب ، يلتصقا ويفرا بعيدا ، يسحبها لصدره هنا قلبي انصتي لنبضاته يلقيها بعيدا هناك روحي اقبضي عليها والتقطيها ، الرقص صلاة للمؤمنين بالحياة ، يقفز خطوتين بعيدا عنها ويمد ذراعه ليبقي الوصل بينهما ، تلمس اطراف اصابعه وتقترب ، يقبض علي اصابعه ويشدها صوبه ، تفر منه والموسيقي تلاحقهما والسلم الموسيقي ياخذهما لاعلي فيحلقا ويسحبهما لادني فتباعدا والنغمات تجري فوق السلم الموسيقي وهما يلاحقاها بخطواتهما وقفزاتهما وابتساماتهما الحنونة ، خشوع فوق الساحه الخشبيه وقتما تحرر الارواح وتنطلق في البراح الطيب وترسم بخطواتها واطراف اصابعها معني الانصهار والاقتراب والفرحة والبهجه ودفء الوصال !!! هي شريكه اللحظة التي يحب يعيشها ، عليها تحسه وتحس اللحظه ، تفهم عمقها في روحه قدر احتياجه لها تشاركه وميضها المنبعث من الاصابع المتناقضه للبيانو الاثري والعازف العجوز ينشر الفرحه ، عليها تذوب مثله في اللحظه ، تتلاشي ، تغرق كليه باستسلام كامل للمعني المنشود ، يسحب شريكته صوبه ويلقيها بعيدا ، لو تكترثي اقتربي ، ولو اقتربتي انتبهي ، انا موجود بكل مايعنيه هذا لكي ، لكني موجود بطريقتي بما يعنيه هذا لي ، اقتربي وانت يقظه في لحظة ندور فيها وندور ونبدو وكأننا نفقد الوعي ، لكن الوعي يتواري خلف البهجه ويعيشها ويحسها ويصنع من تفاصيلها وعي اجمل واحاسيس اعمق ، تتقافز خطواته بعيدا عنه كأنه يفر منها وينتظر اقدامها ، لو اقدمت يفر ابعد وينتظر علي نغمات الموسيقي قدر ادراكها لفراره واقترابه ، لاالهو معك لكني اراقصك واعيشك واعيش اللحظة و........السلم الموسيقي يتراقص ويتراقص علي ايقاع خطواته وبهجته !!!

اللحظة !!!
اللحظة هي التي نعيشها وماقبلها عشناه وانتهي وماسيأتي بعدها لانعرفه حتي الان ، اللحظه هي التي نعيشها ، وهو يقتنص اللحظة ، عمره كله في تلك اللحظة ، ربما تنتهي وينتهي معها فعليه يعيشها حتي اخر قطراتها بوعي ومتعه !!! قصته التي اراد يقصها للحضور متحلقين حول الساحه الخشبيه الطيبه ، اللحظه ياسادة ، اللحظه هي التي نعيشها فلاتهدروها ولا تتواني عن اقتناصها ببلاده فتضيع منكم وتضيعوا ، اللحظه ياسادة ويقفز خطوه اثنين ثلاثه ، ويعتلي السلم والنغمات ،دو ري سي فا ، اللحظه ياساده هي العمر كله ، اللحظة فقط التي اعيشها وتعيشوها ، فلاتهدروها وتندموا لانكم غائبين بلداء ، ويقفز خطوه اثنين علي اطراف اصابعه ، وخطوتين للخلف ويدق بكعبه علي الارض ، خطوتين ثلاث ويميل بقدمه علي جانبها ويتمايل جسده وكأنه سيهوي وقبلما يسقط يتمالك جسده ويحلق والموسيقي صاخبه والفرحه عارمه والبهجه تحتله واللحظة التي انتقاها ليعيش بطريقته يقص علي الحضور حدوتته !!!!

و............. تصمت الموسيقي فيفيق !!!
روحه حره وجسده مبتهج واحاسيسه ملونه والابتسامه ترتسم علي ملامحه فرحه واصابعه مغلقه قابضه علي اللحظه التي افلح يقتنصها ويعيش سعيدا و......... ينظر لشريكته بامتنان لانها افلحت تسايره علي نغمات السلم الموسيقي فارتوت روحه وروحها بامطار البهجه التي انهمرت علي نغمات الموسيقي تروي النفوس المشتاقه للفرحه ، ينظر لشريكته بامتنان لانها شاركته اللحظة ويصفق بطفوله وبراءه وفرحه تحيه للعازف والبيانو ومصممي خطوات الرقصه ومؤلفي كلماتها وللحضور المتحلق حوله فرحا ، يحييهم جميعا لانهم شركاءه في تلك اللحظة .... السعيده جدا !!!!

يصفق ويصفق مرحا فرحا حيا حرا منتشيا و............... تعلو مئات البالونات الملونه في سماء اللحظة التي افلح يقتنصها ويعيشها بمنتهي الحياة !!!